من حلبة دبي أوتودروم: تجربة قيادة شفروليه كورفيت ZR1

رغم أنّ عمر الولايات المتحدة الأميركية لا يعود في التاريخ سوى الى 240 عاماً، ورغم أنّ مواطنيها لا يأبهون كثيراً لموضوع التقاليد كنظرائهم البريطانيين على سبيل المثال، الا أنّ هناك العديد من الأمور التي يعتبرها أبناء العم سام من أساسيات هويتهم الإجتماعية كلعبة البيسبول، موسيقى البوب وطبعاً السيارات ذات العضلات الميكانيكية المفتولة. وبما أنّ هذه التقاليد التي دخلت في صميم الشخصية الأمريكية لم تعد حكراً على أبناء البلاد فحسب بل تعدّتهم لتطال مختلف جنسيات العالم عبر أجيال من الشباب المعجب بنمط الحياة الأمريكي التي يحاول أن يتمثل بها، فإنّ أي خطوة من شأنها أن تتلاعب بهذه التقاليد لن تكون عملية سهلة، ولكن هذا بالتحديد ما فعلته جنرال موتورز ونجحت فيه مع شفروليه كورفيت ZR1 الجديدة التي إكتسبت بعضاً من السمات الوراثية الأوروبية دون أن تفقد الشخصيتها الأمريكية المُحبّبة.

وكما حصل مع هارلي أرل خلال خمسينات القرن الماضي عندما دفعه تأثره بأداء السيارات الرياضية القادمة من القارة الأوروبية الى التفكير بضرورة حصول الولايات المتحدة الأمريكية على سيارة رياضية عالية الأداء الى تصميم وإنتاج شفروليه كورفيت التي حملت لواء السيارة الرياضية الأمريكية عالياً منذ العام 1953 وحتى اليوم، سعت شفروليه وهي تصمّم الجيل السابع من كورفيت أن توفر له من العملانية والتماسك نفس ما يتوفر للسيارات الأوروبية ولكن بنصف السعر تقريباً.

وعلى الطريق، يبدو جلياً حجم المجهود الذي بذله مهندسو الصانع الأمريكي للخروج بسيارة تتمتع بمستوى عالي من الأداء، إذ أنها توفر عبر أنماط قيادتها المتعدّدة توازناً مثالياً دون أن يتم إلغاء دور السائق الذي يتمتع بالمزيد من القدرة على السيطرة، فالسيارة تنزلق فقط عندما يرغب السائق بذلك، وعندها يمكن تصحيح هذا الإنزلاق بشكلٍ دقيق وبكل سهولة، ولعل ما ساهم بتوفير هذا التماسك الجيّد هي الإطارات الجديدة التي تتمتع بقدرة عالية على التماسك مع سطح الطريق.

وعلى صعيد القوة الدافعة، يوفّر محرك كورفيت ذو الأسطوانات الثماني سعة 6.2 ليتر قوة 755 حصان تترافق مع عزم دوران محرك أقصى يبلغ 000 نيوتن - متر ينتقلان الى المحور الخلفي، إما عبر علبة تروس يدوية تستفيد نسبها السبع من نظام مطابقة سرعة دوران المحرك مع النسبة المراد تعشيقها، أو علبة تروس أوتوماتيكية من ست نسب، علماً أنّ الأخيرة تتوفّر حصرياً في أسواقنا العربية، وهي وإن كانت لا توفر نفس الأداء الذي توفره علب التروس اليدوية ذات التحكم الالكتروني التي توفّرها صناعة السيارات الأوروبية، الا أنها تبقى تتمتع بأداء مقبول بنسبة كبيرة. وعند الضغط على دواسة الوقود بكل قوة يستيقظ محرك ZR1 ويبدأ بإصدار زئيره الميكانيكي المتوحش جاعلاً من عملية المرور ضمن الأنفاق متعة تُضاف الى المتعة التي توفرها العجلات بتماسكها العالي مع الأسفلت، والمقود بإستجابته السريعة وحجم المعلومات التي يوفرها للسائق عن ما يجري تحت المحور الأمامي.

وبفضل هيكلها المصنوع من الألومنيوم وجسمها المصنوع من المواد المركّبة، فضلاً عن علبة تروسها الأوتوماتيكية (دون أن نغفل المواد العالية الجودة التي صُنعت منها المقصورة)، تُعتبر كورفيت من السيارات التي توجه صناعة السيارات الرياضية الأميركية نحو المستقبل.

وعلى صعيد الشكل الخارجي، يتمتع جسم كورفيت ZR1 بتصميم جذاب يُلفت الأنظار بشكلٍ كبير، إذ تتمتع مقدمة السيارة بشبكة تهوئة أمامية التي تتألف من ثلاث فتحات تمتد على طول الواجهة الأمامية لتوفر تدفق هواء قوي يصل الى المبردات التي تمّ تثبيتها في المقدمة قبل أن يخرج مجدداً من فتحة التهوئة العلوية المثبّتة وسط غطاء المحرك المصنوع من ألياف الكربون بهدف تعزيز الديناميكية الهوائية وتوفير المزيد من الثبات للمحور الأمامي. ومن الجنب، تتمتع السيارة بخطوط أسفينية تُعطي إنطباعاً بصرياً واضحاً عن قدرة الجسم على إختراق الهواء بشكلٍ سلس.

أما من الخلف، فيتوفّر لستغراي عاكس هواء ضخم مثبّت على حافة غطاء الصندوق الخلفي فوق مصابيح التوقف التي باتت تتخذ شكلاً مستطيلاً بدلاً من التصميم الدائري الذي كان يسيطر على نظيراتها في الجيل السابق، ويكتمل المظهر الرياضي المثير لمؤخرة السيارة من خلال أنابيب العادم الرباعية المثبّتة  في الوسط تيمناً بالعديد من السيارات الرياضية التي تركت أثرها الإيجابي في التاريخ كـ جاكوارE  تايب وفيراري F40.

ورغم التحسينات الكبيرة التي طالت مكوّنات السيارة الميكانيكية، فضلاً عن التصميم الخارجي المثير، الا أنّ سعي مُصمّمي شفروليه لم يتوقف عند هذا الحد، إذ أنهم ما أن باشروا بتصميم مقصورة القيادة حتى قرروا أن لا يوفروا أي مجهود في سبيل الحصول على مقصورة تعتمد تصميماً يخدم السائق بالدرجة الأولى ويساعده على إستخدام السيارة بكل سهولة، سواء كان هذا الإستخدام لمجرد التنقل من نقطة الى أخرى أو بهدف البحث عن متعة القيادة الرياضية على الحلبات. أما على صعيد المواد المستخدمة في بناء المقصورة، فهي تتمتع بجودة عالية مع الكثير من التطعيمات المصنوعة من ألياف الكربون الذي يتناغم مع الكساء الجلدي الفاخر والإضافات المصنوعة من الألومنيوم.

وفي الختام، ورغم أن تجربتي للسيارة كانت بعد تناول وجبة إفطار دسمة من شأنها في العادة أن تدفعني للشعور بالكسل والرغبة بالنوم، إلا أن أداء ZR1 الصاروخي المثير قدرتها العالية على التماسك مع سطح الحلبة لعبا دور مولد الإثارة الذي من شأنه أن يتغلب على أي شعور بالتعب.