10 على 10 بورش 911
-
1 / 20
كان حسان بشور على قناعة تامة بأن بورشه الحقيقية ليست إلا 911 ولكن بعد تجربته للجيل الجديد من بوكستر S، بدل رأيه لدرجة باتت هذه السيارة ضمن خياراته
منذ أن قدمت بورشه سيارتها بوكستر خلال العام 1997 وهي تخضعها لعدد من التحسينات والتطويرات. ومع ذلك، كانت هذه السيارة ـ برائيي المتواضع ـ تعاني من مشكلتين تمثلت الأولى منهما بأنها وعلى الرغم من كل التطوير الذي نالته، كانت لا تزال تعاني من نوع من الضعف العام. فقيادة هذه السيارة وإن كانت ممتعة، كانت تشعرني بأنها لا تزال بحاجة الى ما يقربها من شقيقتها الأكبر 911 التي أعتقد أنها تعبر فعلياً عن سيارات بورشه. وعلى الرغم من معرفتي التامة بأن بورشه لم تكن تريد أن تقرِّب بوكستر من 911 وذلك لأسباب تسويقية، إلا أنها عملت بجهد بالغ على جعل بوكستر المقياس الذي يقتدي به جميع الصانعون عندما يريدون أن يصنعوا سيارة من فئة الرودستر بمحرك وسطي. أما مشكلة بوكستر الثانية، فتمثلت بتصميمها العام الذي كان يتحلى بإستقلالية تامة ولكنه كان ـ على الأقل بالنسبة لي ـ «عادياً».
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
ومع الجيل الجديد، لم تعمل بورشه على تقريب بوكستر من 911، بل على العكس باعدت بينهما وذهبت بـ بوكستر الى بعد آخر. ومن هنا، قررت تعديل ما لا تراه العين المجردة ولتكون البداية مع قاعدة عجلات أطول بـ 6,1 سم من السابق (247,5 سم) وليزداد بالتالي طول الهيكل الخارجي بمعدل 3,3 سم مسجلاً 437,4 سم، في وقت تمت زيادة الصلابة الإلتوائية للبنية التحتية بمعدل 40 بالمئة قابلها عملية خفض لمركزي الثقل والجاذبية بنسبة 0,635 سم. وهنا لم تكتفي بورشه بذلك، بل ركزت على الوزن من خلال إستعمال مكثف للألومنيوم بلغ 47 بالمئة من معادن البنية التحتية والهيكل رافقه إعتماد على قواعد حاملة للوحة القيادة تمت صناعتها من المغنيزيوم وهذا ما مكن بورشه من خفض وزن بوكستر بمعدل 25 كلغ مقابل 35 كلغ لـ بوكستر S موضوع التجربة التي تعلن بورشه أن وزنها الإجمالي يصل الى 1350 كلغ. وفي سياق عملها على البنية التحتية، زادت بورشه طول المحورين الأمامي والخلفي بمعدل 4,06 و1,77 سم على التوالي ودفعت الإطارات الأربع الى أقصى زوايا القاعدة الخارجية وهذا ما إنعكس على شكل مزيد من التماسك الذي يشعر به السائق العادي من خلال قدرته على القيادة بسرعة أعلى وبشكل أسهل مما كان عليه الوضع في الجيل الأسبق، خصوصاً عند التعامل مع المنعطفات التي يشعر معها السائق أنه قادر على دخولها بسرعة أعلى وبالأخص في حال كانت بوكستر S مزودة بمجموعة سبورت كرونو الرياضية التي تشمل حاملات نشطة لجهاز نقل الحركة يمكنها أن ترفع ليونة عملها لزيادة عزل مجموعة الدفع خلال القيادة العادية أو الهادئة لتعود فتزيد قساوة إمتصاصها خلال القيادة الرياضية أو الهجومية لمنع تمايلات جهاز نقل الحركة من التأثير بشكل سلبي على ديناميكية السيارة. ولزيادة مستويات التماسك خلال المناورات الرياضية، زودت بورشه سيارتها هذه أيضاً بنظام PVT الذي يعمل من خلال ترس تفاضلي ميكانيكي خلفي يتحكم بمكابح الإطارين الخلفيين كل على حدة بحيث يساعد بوكستر S في دخول المنعطفات بطريقة ثابتة.
وفي هذا السياق، لا يمكنني إلا أن أقول أن هذه السيارة تشعرك أنها تريد منك أن تدفعها، خصوصاً أن توزيع وزنها بين الأمام والخلف يعطي الوزن الأعلى للخلف (54 بالمئة للخلف مقابل 46 بالمئة للأمام). وهنا كنت أصل بها الى المنعطفات مستعملاً المكابح بقوة لنقل الوزن الى الأمام وخفض السرعة ولأقوم بعدها بلف المقود معتمداً نقطة قمة (Apex) أبعد للمنعطف وهذا ما مكنني من الخروج من المنعطف بسرعة أعلى من المعتاد ومن دون أن أتعرض لإنزلاق المقدمة الذي تشعر به في السيارات المنافسة وفي الجيل الأسبق من بوكستر الذي كان يتطلب من السائق أن يضحي بالسرعة عند دخوله في منعطف ما كي يتمكن من تثبيت السيارة والخروج بشكل أسرع. وفي هذا الإطار، يكفي أن تضغط دواسة الوقود لتشعر بأن المقدمة ستلتصق بالطريق في وقت يبدأ القسم الخلفي بالإنزلاق بشكل طفيف. وهنا، لن تضطر إلا الى الإستمرار بالضغط على دواسة التسارع وبشكل متدرج كي تتابع الإنزلاق الخلفي مصححاً خط السير من خلال المقود الذي تخلى عن المساعدة الهيدروليكية لصالح نظام مساعدة كهربائية والذي لا يزال يوفر دقة توجيهية متقدمة مع تجاوب مستمر، في وقت أعتقد أن نقطة ضعفه الوحيدة تتمثل بأنه لا ينقل تموجات الطريق الطفيفة الى يدي السائق. وبكلمات أخرى، يمكنني القول أن بوكستر S الجديدة تتمتع بمستويات تماسك إستثنائية لا تنتهي طالما أنك لا تزال تحت حدود المنطق. وهنا يساهم نظام PVT ومن خلال ممارسته الكبح على الإطارات الخلفية تبعاً لطريقة توجيه السائق للمقود والقوى التي تتعرض لها السيارة، في زيادة هذا التماسك ويجعلك تشعر أنك سائق أفضل حتى في حال كانت الطريق التي تقود عليها زلقة.
ولأنني أتكلم عن التماسك، لا بد لي من التوقف قليلاً عند محرك بوكستر S الذي حافظ على مبدأ الأسطوانات الست المنبطحة والمتضادة بسعة 3,4 ليتر تماماً كما حافظ على نظام سحبه العادي (من دون توربو). ولكن هذا المحرك نال مشاعب سحب وعدم معدلة إرتفعت معها القوة الى 315 حصاناً يمكن إستخراجها بالكامل عند مستوى 6700 دورة في الدقيقة. ومن جهة أخرى، زودت بورشه سيارتها هذه بمشاعب سحب متغيرة أدت الى التعويض عن عزم الدوران المتدني عند دوران منخفض للمحرك ورفعت بالتالي هذا العزم الى 360 نيوتن متر تتوفر بين 4500 و5800 دورة في الدقيقة. والى هذا المحرك، ربطت بورشه علبة تروس تتوفر بفئة يدوية سداسية النسب أو كما في سيارة التجربة بفئة PDK الأوتوماتيكية المتتالية التي تعمل من خلال 7 نسب وقابض فاصل مزدوج. وخلال التجربة، إتسمت علبة التروس بنعومة عملها وسرعة نقلها للنسب وبالأخص عند إعتماد التبديل اليدوي من خلال العتلات المثبتة خلف المقود. كذلك تتميز هذه العلبة التي حسنت بورشه التوقيت الذي تتطلبه لنقل النسب، بعدم ترددها في نقل نسبتين دفعة واحدة عندما تطلب منها ذلك. أما عند إعتماد معيار Sport Plus، فتشعر أن قساوة التبديل تزداد نسبياً، في وقت تسمع إرتفاعات هدير المحرك الناتجة عن رفع المحرك لدورانه عند التبديل نزولاً. وفي هذا الإطار وحتى في حال كنت تعتمد التبديل الأوتوماتيكي للنسب، تحافظ علبة التروس على النسبة المعتمدة عند وصول المحرك الى دورانه الأقصى، فيما تقوم بخفض النسب أوتوماتيكياً عند وصول المحرك الى 4000 دورة في الدقيقة في حال كنت تضغط بقوة على دواسة الكبح.
ولتمييز بوكستر الجديدة عن الجيل الأسبق منها، خفضت بورشه المسافة التي تفصل بين مركزي الإطارين الأماميين ومقدمة بوكستر بمعدل 2,5 سم، في وقت زودت السيارة بزجاج أمامي أقصر جرى تثبيته في وضعية متقدمة الى الأمام وبفارق يبلغ حوالي 10 سم عن وضعية تثبيت الزجاج الأمامي في الجيل الأسبق وهذا ما ساهم في زيادة التناسق الهندسي للهيكل الخارجي ووفر له شكلاً أكثر شراسة من السابق تم تعزيزه بواجهة أمامية ذات فتحات تهوئة أكبر تخفي خلفها مبردات للمحرك ومصابيح أمامية تبدو وكأنها مستوحاة من تلك المعتمدة لطراز 918 القادم. أما في الجوانب، فكان القرار بالتخلي عن أبواب 911 التي كانت تستعمل في الجيل الأسبق من بوكستر والتي كان الهدف منها زيادة المكونات المشتركة وخفض التكاليف وهذا ما أعطى لقسم التصميم المزيد من الحرية التصميمية ومكنه من رسم فتحات إدخال هواء جانبية (أمام الإطارات الخلفية) ذات تصميم جميل وتناسق رائع نتج عنه إنسيابية أفضل، خصوصاً أن مهندسي الإنسيابية رسموا الخطوط الجانبية عموماً وخطوط الأبواب خصوصاً بطريقة تم معها التحكم بطريقة تدفق الهواء على جانبي السيارة بشكل رفع قوى الضغط السفلية من ناحية وساهم في زيادة نسبة الهواء الداخل من الفتحتين الجانبيتين والهادف الى تبريد المحرك ومقصورته. وهنا لم تقف التعديلات التصميمية عند حدود المقدمة والجوانب، بل طاولت أيضاً الواجهة الخلفية التي نالت مصابيح ذات تصميم جديد يشكل القسم الوسطي النافر منها إمتداداً لعاكس الهواء الخلفي الذي يرتفع من مكانه عند إرتفاع السرعة لزيادة قوى الدفع السفلية. وفي الخلف أيضاً، يبقى المأخذ التصميمي الوحيد ـ بنظري ـ متمثلاً بأن هذه الواجهة تبدو وكأنها فارغة، خصوصاً أن ناشر الهواء فيها يأخذ لنفسه وضعية منخفضة جداً يبدو معها الصادم الخلفي وكأنه كبير جداً بالمقارنة مع السيارة ككل.
ومن ناحيته، تعتمد بوكستر S وكما يتوجب أن تكون سيارات الرودستر، على سقف قماشي مبطن لمنع وصول الحرارة والصوت الى داخل المقصورة. ويمكن كشف هذا السقف في غضون 9 ثواني عبر الضغط المستمر على مفتاح الكشف في الكونسول الوسطي. ولا تتطلب عملية الكشف إيقافاً كلياً للسيارة إذ تعلن بورشه أن نظام الكشف يعمل أثناء تحرك السيارة وبسرعة أقصاها 48,2 كلم/س. وهنا، لا بد من الإشارة الى أن الغطاء الذي كان يغطي السقف بعد كشفه غاب عن الجيل الجديد، مما يعني أن تكاثفاً عالياً للأغبرة والأوساخ في منطقة طي السقف التي تأخذ لنفسها مكاناً فوق المحرك الذي ثبتته بورشه بوضعية وسطية في السيارة ومباشرة خلف مقعدي بوكستر S اللذين أحببت أن بورشه مكنتهما من أخذ وضعية منخفضة جداً (يساهم ذلك في خفض مركز جاذبية السيارة) تمكن السائق من الإقتراب أكثر الى الأرض وهذا ما يمكن السائقين الرياضيين من الإحساس بالطريق أكثر. والى جانب مستويات الراحة التي يوفرها مقعدي السيارة اللذين يبدوان وكأنهما مستعارين من الشقيقة 911، يتسم هذان المقعدان بقدرة تثبيت عالية للأجسام أثناء القيادة الرياضية.
وبالإضافة الى المساحات الداخلية الكريمة (إزدادت مسافة التحرك الأفقي للمقعدين بمعدل 2,5 سم الى الخلف)، نالت المقصورة لوحة قيادة جديدة كلياً تسير في النهج التصميمي للوحات قيادة سيارات بورشه والتي بدأت مع كل من باناميرا وكايين وبالأخص لجهة تصميم القسم الأفقي المائل من الكونسول الوسطي بمفاتيحه المتعددة. وهنا، لا يمكن إغفال الجودة التصنيعية وجودة المواد المعتمدة في المقصورة والتي طاولت كل التفاصيل وحتى البلاستيكية منها. وهنا أيضاً، ركزت بورشه على توفير ملمس يوحي بالترف لكل مكونات المقصورة وعلى الرغم من أن بورشه تقول أن هذه السيارة ليست مخصصة للنزهات، إلا أن مأخذي الوحيد عليها محصور بحاملات الأكواب المدمجة فوق علبة القفازات والمخفية بغطاء والتي شعرت أن نوعيتها لا تليق بـ بوكستر S.
وفي النهاية، يمكنني القول لمن كانوا يعتقدون أن بوكستر ليست بورشه حقيقية ـ وأنا واحد منهم ـ وأن بورشه الحقيقية ليست إلا 911: «أنتم على خطأ»، فـ بوكستر S تعتمد كل مقومات سيارات بورشه وصولاً الى السعر المرتفع وهذا ما يؤدي بي في نهاية تجربتي هذه، الى التساؤل عن إمكانية تقديم بورشه لطراز جديد أصغر من بوكستر وبالتأكيد أرخص ثمناً منه، خصوصاً أن هناك شائعات تفيد أن بورشه قد تعمل في المستقبل القريب على محرك من 4 أسطوانات منبطحة.
«مع الجيل الجديد، لم تعمل بورشه على تقريب بوكستر من 911، بل على العكس باعدت بينهما وذهبت بـ بوكستر الى بعد آخر»
«تشعرك هذه السيارة أنها تريد منك أن تدفعها على الدوام، خصوصاً أن توزيع وزنها بين الأمام والخلف يعطي 54 بالمئة من هذا الوزن لجهتها الخلفية»
«تقوم علبة التروس بخفض النسب أوتوماتيكياً عند وصول المحرك الى 4000 دورة في الدقيقة في حال كنت تضغط بقوة على دواسة المكابح»
«كان القرار بالتخلي عن أبواب 911 التي كانت تستعمل في الجيل الأسبق من بوكستر وهذا ما أعطى قسم التصميم المزيد من الحرية التصميمية والنتيجة.. رائعة»
المواصفات
بورشه بوكستر S
الأرقام
3,4 ليتر، 6 أسطوانات منبطحة ومتضادة، دفع خلفي
315 حصان عند 6700 دورة في الدقيقة
360 نيوتن متر عند 4500 الى 5800 دورة في الدقيقة
من صفر الى 100 كلم/س: 4,8 ثانية
السرعة القصوى: 279 كلم/س، الوزن: 1350 كلغ
الإستهلاك: 8,0 ليتر لكل 100 كلم
الطول: 437,4 سم، العرض: 180,1 سم، الإرتفاع: 128,1 سم