أكثر تواضعاً ولكنها الـ... أفضل
-
1 / 14
قد تكون كونتيننتال GT V8 بمثابة طراز المدخل الى عالم سيارات بنتلي ولكنها بنظر حسان بشور باتت تملك كل المقومات التي يريدها المستهلك الشاب والمتطلب
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
قبيل توجهي الى سلطنة عمان لتجربة بنتلي كونتيننتال GT V8، كنت أتساءل عن السبب الذي دعا بنتلي الى الدخول في متاهات توفير فئة من كونتيننتال GT مع محرك من 8 أسطوانات، في وقت تتميز سيارات بنتلي بأسعارها المرتفعة وتوجهها الى شريحة من المستهلكين الأغنياء اللذين لا يهتمون لحجم المحرك ولا لمستويات إستهلاكه. ومع تعمقي في هذا الموضوع وفي ظل التوجه الأوروبي ـ الأميركي الأعمى نحو السيارات الخضراء التي يفترض بها أن تلحق ضرراً طفيفاً بالبيئة، كان إستنتاجي الوحيد متمثلاً بأن بنتلي أرادت من خلال سيارتها الجديدة هذه أن تعلن وبطريقة غير مباشرة، أنها واحدة من شركات صناعة السيارات الرياضية الفاخرة التي تفكر بالبيئة وتعمل على مراعاتها وأن سيارتها هذه ليست إلا إثباتاً على أن سيارات بنتلي صديقة للبيئة، خصوصاً أنها تخلت عن محرك الأسطوانات الـ 12 معتمدة محرك V8 جرى تزويده بنظام لإيقاف نصف عدد أسطواناته عندما لا تتطلب القيادة أو الطريق إستخراج كامل طاقة المحرك ولتصبح كونتيننتال GT V8 سيارة بنتلي الأولى التي تندفع بمحرك.. V4!
وفي حال كان هذا هو المنطق الذي إتبعته بنتلي، لا يمكنني إلا أن أقول أن هذه الخطة ذكية جداً وستحقق لـ بنتلي مرادها. ومع هذا الإستنتاج، كنت مقتنعاً أن تجربتي لـ كونتيننتال GT V8 ستكون خالية من الإثارة والمتعة وذلك بالمقارنة مع تجربتي السابقة لشقيقتها كونتيننتال GT المزودة بمحرك يعتمد تقنية W12 والتي أجريتها أيضاً في سلطنة عمان.
ولكن ما أن جلست خلف مقود كونتيننتال GT V8 وضغطت مفتاح تشغيل محركها حتى سمعت هديراً رياضياً مميزاً أخبرني مسؤولو بنتلي أن السبب فيه يعود الى العادم الرياضي الذي يتوفر ضمن لائحة التجهيزات الإضافية. عندها، ضغطت دواسة التسارع عدة مرات ولأكتشف أن ما سمعته ليس إلا عبارة عن موسيقى راقية قام مهندسو بنتلي بتأليفها خصيصاً لسيارتهم هذه.
بداية جيدة على متن سيارة وصفها البعض بأنها سيارة المدخل لدى بنتلي.
ومع إنطلاقي على الطرقات الجبلية الملتوية المحيطة بالعاصمة العمانية مسقط، لم يكن بإمكاني إلا أن أضغط دواسة التسارع في محاولة للإستمرار بسماع موسيقى العوادم الرياضية الرائعة وليتبين لي أن هذه الموسيقى تحافظ على عذوبتها لغاية وصول المحرك الى 3000 دورة في الدقيقة حيث يرتفع هذا الهدير رافعاً بالتالي وتيرة الحماس في نفس السائق. أما بعد تعدي حدود الـ 5000 دورة في الدقيقة، فيتحول الهدير الرياضي الى مرتفع جداً وهذا ما يؤدي بك كسائق لـ كونتيننتال GT V8 الى خفض نسب علبة التروس للمحافظة على دوران مرتفع للمحرك وبالتالي على الهدير الرياضي المميز الناتج عن محرك تمت إستعارة قاعدته السفلية من الشريك أودي الذي يعتمد هذا المحرك لطرازي S7 وS8. ومع هذا المحرك الذي جرى تزويده بصفين يتألف كل منهما من 4 أسطوانات متتالية تصل سعتها الإجمالية الى 4 ليترات، قررت بنتلي أن ترفع القوة من خلال الإعتماد على جهاز توربو مزدوج وجد لنفسه مكاناً بين صفي الأسطوانات ولينتج عن ذلك محرك مدمج الحجم بمركز ثقل وجاذبية منخفض ساهم بها مشاعب سحب وعدم قصيرة لجهة طولها وعريضة لناحية قطرها.
ومع التخلي عن الأسطوانات الـ 12 لصالح 8 أسطوانات وعلى الرغم من أن محرك الأسطوانات الثماني يتمتع بطول يزيد عنه بمعدل 1,25 سم منه لطول محرك W12، فقد تمكن مهندسو بنتلي من خفض الوزن الإجمالي للمحرك بمعدل 24,94 كلغ، مما يعني أن خفض الوزن كان محصوراً بما يحمله المحور الأمامي للسيارة. وهذا ما سمح لمهندسي القواعد والشاسي بزيادة قساوة القضيب الأمامي المقاوم للإنحناء والغوص وتعديل هندسة جهاز مساعدة المقود ومعايير التعليق النشط.
ولكن ماذا يعني ذلك للسائق العادي الذي لا يفقه شيئاً في عالم الهندسة والميكانيك؟
لتبسيط الجواب، يمكن القول أن هذه التعديلات ألغت قسماً كبيراً من الميل نحو إنزلاق المقدمة الذي كانت الشقيقة كونتيننتال GT المزودة بمحرك W12 تعاني منه تحت تأثير التسارع في المنعطفات. أما القسم الآخر من هذا الميل، فقد ساهم فيه نظام الدفع الرباعي الذي نال بعض التعديلات التي بات على أثرها ينقل 60 بالمئة من قوة الدفع بإتجاه عجلتي المحور الخلفي مقابل 40 بالمئة للأمام، في وقت كان توزيع قوة الدفع يتم مناصفة بين الأمام والخلف في الطرازات السابقة من كونتيننتال GT.
وهنا يولد محرك كونتيننتال GT V8 وبالتعاون مع التوربو المزدوج، قوة 500 حصان عند 5000 دورة في الدقيقة. وتترافق هذه القوة مع 660 نيوتن متر من عزم الدوران الذي يمكن إستخراجه إبتداءً من 1700 ولغاية 5000 دورة في الدقيقة والذي ينتقل شأنه للقوة الي العجلات الأربع من خلال علبة تروس أوتوماتيكية متتالية تعمل عبر 8 نسب أمامية متزامنة وتحمل توقيع الصانع الشهير ZF. ومع هذه المعطيات، يمكن لـ كونتيننتال GT V8 أن تتسارع من حالة الوقوف التام الى سرعة 100 كلم/س في خلال 5 ثواني ولتصل بعدها الى سرعتها القصوى البالغة 302 كلم/س.
ومع هذه السيارة، تقول بنتلي أنها تهدف الى خفض مستويات الإستهلاك بمعدل 40 بالمئة مقارنة بإستهلاك محرك الأسطوانات الـ 12. ومن هنا، زودت محرك V8 بجهاز لإيقاف نصف أسطواناته عن العمل. وعند تفعيل هذا النظام (يتم ذلك أوتوماتيكياً)، تستمر مكابس الأسطوانات الأربع المتوقفة عن العمل بالتحرك لأن التحكم بها يتم من خلال عمود الكامة السفلي ولكن قبل إغلاق الصمامات العلوية، يتم ضخ الهواء الى غرف الإحتراق التي تعلو الأسطوانات التي يفترض بها أن تكون غير فعالة ولكن من دون ضخ وقود ومن دون شرارة إشعال. وهنا يعمل ضخ الهواء لوحده على خفض ضغط الأسطوانات التي يكون عملها حينها مشابهاً لعمل النوابض الهوائية، الأمر الذي يخفض الطاقة المطلوبة لتشغيل المكابس وهذا ما يرفع بالتالي من فعالية وكفاءة عمل المحرك، خصوصاً أن مستويات ضياع الضغط في داخل المحرك تتدنى كثيراً فيما يقابلها ضغط للتوربو المزدوج يصل الى 33 psi.
ومع هذه المعطيات، كانت القيادة على مجموعة مختلفة من الطرقات راوحت بين الطرقات السريعة وتلك الفرعية التي تعبر القرى العمانية الصغيرة التي يتخللها بعض مزارع النخيل. ولكن مهما كان نوع الطريق، فلن يتمكن المرء من إغفال مدى التوازن الذي تتمتع به كونتيننتال GT V8 سواء كان ذلك في الخطوط المستقيمة على الطرقات السريعة أو عند الإنتقال الى الطرقات الفرعية التي تحتوي على أعداد هائلة من المنعطفات السريعة. وعلى هذه الطرقات، كان تبديل نسب علبة التروس يتم بنعومة عالية وبسرعة في حالتي التبديل الأوتوماتيكي واليدوي، في وقت كان هدير العادم الرياضي يصدر وكأنه مقطوعة موسيقية مميزة، مما دعاني الى التفكير بأن بنتلي التي طالما توجهت سياراتها الى كبار السن، وفرت من خلال كونتيننتال GT V8 هذه سيارة تتوجه الى جيل أكثر شباباً.
وخلال التجربة، كان المحرك ينتقل بين العمل عبر 8 أسطوانات و4 أسطوانات ومن دون أن أشعر بذلك وهذا ما أدي بي الى مراقبة مستويات الإستهلاك التي راوحت بين 55 ليتر لكل 100 كلم في حالات القيادة الهجومية والتسارعات المفاجئة وبين 11 ليتر لكل 100 كلم عند القيادة على الطرقات السريعة على سرعات تراوح في حدود 120 كلم/س بالإعتماد على النسبة الثامنة من علبة التروس التي يتدنى معها دوران المحرك الى حوالي 1900 دورة في الدقيقة. وهنا، لم تكتفي بنتلي بخفض الإستهلاك، بل عملت أيضاً على تزويد هذا المحرك بجهاز بخاخ مباشر يوفر إحتراقاً مثالياً للوقود وبمولد كهرباء تمت برمجته لشحن بطارية السيارة خلال تباطؤ السرعة.
من الخارج ولتمييز كونتيننتال GT V8 عن شقيقتها المزودة بمحرك W12، إستبدلت بنتلي شعاراتها ذات الخلفية السوداء والموجودة على الراجهتين الأمامية والخلفية وفي منتصف العجلات المعدنية التي يبلغ قطرها 20 إنشاً (تتوفر إخيارياً بقياس 21 إنش)، بشعارات مماثلة ولكن ذات خلفية حمراء. كذلك تنفرد V8 بشبك أمامي أسود اللون يعلو صادماً أمامياً يحتوي على ثلاث فتحات تهوئة يقابلها مخرجي عادم خلفيين أخذ كل منهما لنفسه شكل الرقم 8 ولكن بوضعية أفقية، في وقت تعتمد V8 على عجلات معدنية حصرية لا تتوفر للشقيقة ذات المحرك الأكبر.
ومع وصولنا الى نهاية هذه التجربة، يمكنني شخصياً أن أقول أن كونتيننتال GT V8 أفضل من شقيقتها التي تندفع بمحرك W12. فهي أكثر توازناً وتملك من القدرات ما يمكنها من جعلك تنغمس في عملية قيادتها. وبمعنى آخر، كنت أشعر كلما قدت أي من سيارات بنتلي أنني كبير في السن ولكن مع GT V8، إختفى هذا الشعور ذلك أن هذه السيارة قادرة على تحويلك الى جزء أساسي من عملية قيادتها. ومن ناحية أخرى، تعلن بنتلي أن هذه السيارة ستتوفر في الأسواق بسعر يقل عنه لسعر الشقيقة W12 بمعدل 10 بالمئة وهذا ما أدى بي الى سؤال مسؤولي بنتلي عن مدى تأثير هذه السيارة على مبيعات الشقيقة ذات المحرك الأكبر وليأتي الجواب بأن كونتيننتال GT W12 تتوجه الى شريحة مختلفة كلياً من المستهلكين. فهؤلاء بنظر بنتلي ينتمون الى فئة من الناس اللذين لا يقبلون إلا بالمحركات الكبيرة حتى ولو كانت تأديتها أقل.
في الواقع وعلى الرغم من أن هذا أمر غير منطقي بتاتاً، إلا أنه قد يكون صحيحاً ذلك أن هناك شريحة من المستهلكين التي تؤمن بمقولة أن المحرك الأكبر هو المحرك الأفضل ولكن بالنسبة لي وفي حال كنت أملك الخيار وعلى الرغم من أن W12 تتحلى بقوة أعلى بـ 75 حصان وبعزم يزيد بنسبة 40,7 نيوتن متر وبتسارع يقل بمعدل 0,2 ثانية وبسرعة قصوى تزيد بـ 18 كلم/س، فـ كونتيننتال GT V8 هي التي أود أن أراها مركونة في مرآب منزلي.
«ألغت التعديلات القسم الأكبر من الميل نحو إنزلاق المقدمة الذي كانت كونتيننتال GT المزودة بمحرك W12 تعاني منه تحت تأثير التسارع في المنعطفات»
«ما أن جلست خلف مقود كونتيننتال GT V8 وضغطت مفتاح تشغيل محركها حتى سمعت هديراً رياضياً مميزاً صدر عن العادم الرياضي الذي يتوفر ضمن لائحة التجهيزات الإضافية»
«بعد تعدي الـ 5000 دورة في الدقيقة، يتحول الهدير الرياضي الى مرتفع جداً وهذا ما يؤدي بك الى خفض نسب علبة التروس للمحافظة على دوران مرتفع»
«كان المحرك ينتقل بين العمل عبر 8 أسطوانات و4 أسطوانات ومن دون أن أشعر بذلك وهذا ما أدي الى تدني الإستهلاك العام بمعدل 40 بالمئة»