بساط الريح
-
1 / 20
سواء كنت جالساً خلف مقود صغيرة رولس رويس الكبيرة هذه أو على مقعدها الخلفي، فأنت ستشعر كأنك تنتقل من مكان الى آخر على.. بساط الريح
يوم قدمت رولس رويس سيارتها الصغيرة غوست، أطلق عليها الكثيرون تسمية «بايبي رولس»، خصوصاً أنها أول سيارة صغيرة تطلقها رولس رويس منذ العام 1949 حين قدمت طراز سيلفر داون. وعلى الرغم من وصف غوست بالصغيرة، إلا أنها ليست صغيرة أبداً، إذ يصل طولها الى 540 سم، أي أنها أطول من بنتلي كونتيننتال فلايينغ سبور بـ 11,2 سم. أما السبب بوصفها بصغيرة رولس رويس، فيعود بالدرجة الأولى الى أنها أقصر بـ 43,4 سم من شقيقتها فانتوم كما أنها السيارة الأصغر في مجموعة رولس رويس. ومع وزنها الذي يراوح في حدود 2475 كلغ، يمكن القول أنها ليست صغيرة وليست إقتصادية ولكنها ومن دون أدنى شك رولس رويس حقيقية تتحلى بروح سوبر مترفة تم تعزيزها بطابع رياضي خجول نسبياً والمقارنة هنا هي مع الشقيقة فانتوم. فمن الخارج، تتميز غوست بخطوط منسابة بنعومة ومساحات معدنية ملساء وزجاج أمامي بزاوية ميلان عالية وبخط وسط عريض وواجهة خلفية مقوسة وأقل عرضاً من وسط السيارة وهذا ما يعطي إنطباعاً أنها سيدان رياضية.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
ولأن رولس رويس أرادت تعزيز هذه الروح، قررت أن توفر لها محركاً من 12 أسطوانة على شكل V بسعة 6,6 ليتر جرى تزويده بجهازي توربو. وعلى الرغم من أن هذا المحرك الممهور بتوقيع رولس رويس، إلا أنه ليس إلا محرك بي ام دبليو فئة 7 وتأكد هنا أنه سيتوجب عليك أن تنظر الى عداد دوران المحرك لتعرف أنه يعمل. فهو صامت كلياً وبعيد كل البعد عن الإرتجاجات. وما أن تقوم بتعشيق نسبة القيادة الى الأمام وتضغط قليلاً على دواسة التسارع، حتى تكتشف أن غوست ستنطلق بسرعة ونعومة بالغة وستشعر أن الإنطلاق بها لن يتطلب منك أكثر من ملامسة دواسة التسارع. ومن جهة أخرى، إضغط بنعومة على دواسة المكابح وستحصل على قدرة توقف مذهلة. أما عند زيادة الضغط على دواسة التسارع، فسيبدأ جهازا التوربو بممارسة سحرهما يدعمهما جهاز عادم يوفر هديراً رياضياً خافتاً جداً. حينها، سيخالجك شعور أنك خلف مقود سيارة ألمانية الصنع. فالجودة التي ستشعر بها متفوقة كلياً ولن تتمكن أبداً من الشعور بها في أي سيارة أخرى.
إستمر في زيادة الضغط على دواسة التسارع وستلاحظ أن إستخراج قوى هذا المحرك أمر سهل للغاية، إذ تنتقل قوة محرك الأسطوانات الـ 12 البالغة 563 حصاناً تتوفر عند 5250 دورة في الدقيقة وعزم دورانه الذي يصل الى 780 نيوتن متر يمكن إستخراجها إبتداءً من 1500 دورة في الدقيقة، عبر علبة تروس أوتوماتيكية تتكون من 8 نسب أمامية متزامنة، بإتجاه العجلتين الخلفيتين الدافعتين بنعومة بالغة يمكن معها لـ غوست التي يتراوح وزنها الإجمالي بحدود طنين ونصف، أن تنطلق من حالة الوقوف التام الى سرعة 100 كلم/س في 4,7 ثانية ولتصل بعدها الى سرعتها القصوى المحددة بواسطة رقاقة إلكترونية بـ 250 كلم/س.
ومع متابعة القيادة، لا يمكنك إلا أن تتأثر بمستويات الهدوء «الهائلة» التي يعود جزء كبير من السبب فيها الى تعليق غوست الناعم والمدروس بعناية مطلقة لإمتصاص إرتجاجات الطريق بفعالية مطلقة ولمنع وصول تأثيراتها الى مقصورة الركاب. وعلى الرغم من أن التعليق يتميز بنبض لين جداً وبعيد عن القساوة، إلا أن غوست تتحلى بمستوى ثبات عام جيد جداً بفضل جهاز التحكم بالتماسك الذي يمنعك من ممارسة من الأخطاء القيادية. وهنا لا بد من الإشارة الى أن رولس رويس زودت جهاز التحكم بالتماسك ببرنامج عمل ثانٍ يمكن معه لسائق غوست أن يتمتع ببعض إنزلاقات الخلف قبل أن يتدخل جهاز التحكم بالتماسك من جديد للجم القوى التي تتعرض لها السيارة بهدف إعادتها الى خط سيرها الصحيح في المنعطفات.
وفي هذا السياق، يمكن القول أن قيادة غوست ومهما كان نوع الطريق التي تعبرها، تشعرك وكأنك جالس على «بساط الريح» ذلك أن التعليق المعتمد في الخلف متعدد الوصلات وهو مستعار في بي ام دبليو فئة 7. أما التعليق الأمامي، فيقوم على شعب مزدوجة تم تعزيزها بتعليق هوائي يطاول الخلف حيث تتواجد أيضاً ماصات صدمات إلكترونية تتحسس تبدلات الطريق وتعدّل نبضها بمعدل مرة كل 2,5 ميليثانية وهذا ما ينعكس بالإيجاب على مستويات الراحة وعلى تجاوب المقود.
ولزيادة مستويات الراحة والتماسك في آن، جرى تزويد غوست بمجموعة من المساعدات الإلكترونية التي تساعد في إبقاء الهيكل في وضع أفقي ومنها قضبان نشطة لمقاومة الإنحناء والغوص، جهاز الكبح الديناميكي، جهاز التحكم الديناميكي بالتماسك والتحكم الديناميكي بالثبات. وتعمل هذه الأجهزة بالتناغم مع نظام إدارة الشاسي وهذا ما يمكن غوست من المحافظة على توازن عام متقدم بغض النظر عن نوعية الطريق وأسلوب القيادة.
في الداخل وعلى الرغم من مستويات الترف المطلقة، إلا أن رولس رويس تعلن أن غوست تتوجه الى السائق أكثر منها لمن يريد الركوب في الخلف. وفي هذا الإطار، زودت هذه السيارة بعدد من التجهيزات التقنية المخصصة للسائق شأن جهاز iDrive ومأخذ جهازي iPod وiPhone والكاميرات التي توفر رؤية واضحة بزاوية 360 درجة ونظام الرؤية الليلية الذي يمكنه إستكشاف حوالي 300 متر أمام السيارة في الليل ونظام عكس المعلومات على الزاوية اليسرى السفلية من الزجاج الأمامي وجهاز التحكم النشط بالسرعة الذي يمكنه إيقاف غوست كلياً عند الحاجة وغيرها.
ولا تكتف المقصورة بذلك. فما أن تنطلق بـ غوست حتى تشعر أنك معزول كلياً عن الخارج وستبدأ بحك أذنيك متسائلاً عن ما أصاب سمعك ولتضطر الى فتح إحدى النوافذ لتتأكد أن سمعك سليم. وهنا، قامت رولس رويس بجهود مكثفة جداً في سبيل عزل المقصورة عن الخارج ولدرجة لا يمكن للمرء أن يشعر بأي ضجيج هواء أو إطارات أو محرك إلا فيما ندر. وفي هذا السياق، طلبت خلال التجربة من المصور مصطفى أن يقود غوست على الطريق السريعة، فيما جلست الى جانبه وأغمضت عيناي وتفاجأت أن شعوري بحركة السيارة شبه معدوم، خصوصاً أن الصمت المطبق يسيطر على مقصورة غوست. وهنا، حاولت جاهداً أن أجد ما يمكنني إنتقاده في المقصورة ولتنحصر النتيجة بعنصرين يتمثل أولهما بوضعية عتلة غاسلات وماسحات الزجاج الأمامي التي تصطدم بها يد السائق عند محاولة تعشيق نسبة الرجوع الى الخلف. أما الإنتقاد الثاني وهذا أمر شخصي، فهو تساؤلي عن السبب بعدم تزويد غوست بمعايير تعليق رياضية، في ظل إعلان رولس رويس أن غوست تتوجه الى السائق وليس الى الراكب في الخلف.
وفي الأمام، تعتمد غوست على لوحة قيادة أعتقد أنها من أترف ما وقعت عيناي عليه. فـ رولس رويس لا تطلق على مفاتيح التشغيل الموجودة في لوحة القيادة تسمية «الجواهر» بشكل عبثي، إذ ما أن يقع نظرك على مكونات هذه اللوحة من جلود فاخرة جداً وكروم مصقول ومقاطع سوداء وألومنيوم و... حتى تشعر أن هناك ما يجذب يديك لملامسة مكونات هذه اللوحة التي ما أن تبدأ بالشعور بملمسها حتى تشعر وكأن هناك مواد لاصقة تمنعك من سحب يديك. ومن جهة أخرى، تنفرد اللوحة بعدد من مفاتيح التشغيل التي تبدو وكأنها تعود الى حقبة السبعينات التي كانت بمثابة «أيام عز» لهذا الصانع العريق. أما في القسم السفلي من لوحة القيادة، فستجد أن مفاتيح التحكم بقوة هواء المكيف لا تعتمد ترقيماً مماثلاً لما يجده المرء عادةً في باقي السيارات المترفة، بل تعتمد كلمات تصف قوة الهواء الذي سيخرج من فتحات المكيف.
جل بنظرك في أنحاء المقصورة وقد يطاولك شعور أن ما تراه أجمل وأفضل من ما يتواجد في مقصورة الشقيقة الأكبر فانتوم. فكل ما في هذه المقصورة الكبيرة الحجم مدروس بعناية تامة شملت كل التفاصيل مهما كانت صغيرة بإستثناء مكبح اليد الإلكتروني الذي أخذ لنفسه مكاناً غريباً الى يمين تجويف العدادات، في وقت كان بالإمكان وضعه في القسم الأفقي من الكونسول الوسطي قرب مسند اليد الأمامي. أما المساحات الداخلية وعلى الرغم من كونها صغيرة بالمقارنة مع مقصورة فانتوم، إلا أنها كبيرة وتمكن خمسة بالغين من أصحاب القامات الطويلة والأحجام الكبيرة من التمتع براحة قصوى حتى ولو إمتدت رحلتهم على متن غوست لساعات وساعات.
ولأن هذه السيارة تحمل إسم وشعار رولس رويس، كان لا بد من تجربتها أيضاً من خلال المقعد الخلفي. وفي هذا الإطار، توجهت الى الباب الخلفي الذي يتحلى بفتحة كبيرة نسبياً تزداد بفضل طريقة فتحه بعكس الباب الأمامي موفراً فجوة أكثر من كافية للدخول الى الخلف. ومع جلوسك على المقعد الخلفي، يمكنك أن تغلق الباب الخلفي كهربائياً بواسطة مفتاح مثبت في العمود C. وحينها، قد تجد أن المساحات الداخلية ليست برحابة فانتوم ولكنها في الواقع كبيرة جداً وقد عززتها رولس رويس بمقعد خلفي يبدو وكأنه عبارة عن أريكة منزلية مترفة، خصوصاً أن وضعية الجلوس على هذا المقعد مرتفعة وتشعر الراكب أنه محتضن وأن جسمه مسنود في كل الجهات وتوفر له راحة جلوس عالية جداً. وعندما تتأمل ما يحيط بك في القسم الخلفي من المقصورة، ستشعر أنه مصنوع يدوياً ذلك أن دقته وجودته التصنيعيتين متفوقتين كلياً.
أما من الخارج، فيشعر المرء عند النظر الى غوست أن رولس رويس أولتها عناية فائقة. فتصميمها الخارجي على حد قول المصمم إيان كاميرون، مستوحى من تصاميم سيارات رولس رويس القديمة ومن تصميم الشقيقة الأكبر فانتوم ولكن في قالب معصرن وإنسيابي. وهنا يكفي أن تنظر الى أبواب غوست السميكة وشبك فتحة التهوئة الأمامية الذي يعتمد عوارض كرومية عمودية لتتأكد أنها تحمل في تصميمها روحاً كلاسيكية معاصرة. وعلى الرغم من ضخامتها، إلا أن النظر الى تصميمها الجانبي يوحي لك أنها قادرة على إختراق الهواء بسهولة على السرعات العالية. ومع ذلك، لم تتخلى غوست عن معالم سيارات رولس رويس، بل ركزت على وجودها ومنها مقابض فتح الأبواب الضخمة والمطلية بالكروم اللماع وشعارات رولس رويس على العجلات المعدنية والتي تبقى في وضعية أفقية حتى عند دوران العجلات ومكان توضيب مظلة المطر المدفأ لتجفيف المظلة بسرعة.
أخيراً ومهما كانت النتيجة، هناك أمر لا يمكن إغفاله وهو أن غوست تعتمد على خليط من التقنيات الألمانية المعاصرة التي تم مزجها بالعراقة التصنيعية البريطانية وهذا أمر ممتاز ذلك أن رولس رويس البريطانية ـ البافارية قامت مع غوست بعمل أقل ما يمكن أن يقال فيه هو أنه رائع.
«على الرغم من أن المحرك ممهور بتوقيع رولس رويس، إلا أنه ليس إلا محرك بي ام دبليو فئة 7 ومع ذلك سيتوجب عليك أن تنظر الى عداد دوران المحرك لتعرف أنه يعمل»
«لا يمكنك إلا أن تتأثر بمستويات الهدوء «الهائلة» التي يعود جزء كبير من السبب فيها الى تعليق غوست الناعم والمدروس لمنع وصول أي شئ الى مقصورة الركاب»
«ما أن تنطلق بـ غوست حتى تشعر أنك معزول كلياً عن الخارج وستبدأ بحك أذنيك متسائلاً عن ما أصاب سمعك ولتضطر الى فتح إحدى النوافذ لتتأكد أن سمعك سليم»