بنتلي مولسان الـسـيـدة الأرستقراطية
-
1 / 25
حتى على أرضها وبين جمهورها، تمكنت بنتلي مولسان من التأكيد من جديد أن الإنتقال على متنها، سواء كان من خلف المقود أو عبر المقعد الخلفي لا يزال عبارة عن تجربة إستثنائية
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
صحيح أن الأذواق تختلف من شخص الى آخر وصحيح أن ما يراه شخص ما على أنه جميل قد يكون بنظر شقيقه التوأم، بشع للغاية وعلى الرغم من أنني أحاول جاهداً في مواضيعي أن لا أحكم على التصميم، إلا أنه لا يمكنني إلا أن أتوقف عند بنتلي مولسان وتحديداً عند مقدمتها الطويلة التي تنتهي بواجهة أمامية يسيطر عليها مصباحان دائريان كبيران يبدوان وكأنهما عينان جاحظتان يتوسطهما شبك أمامي عمودي تقليدي مع مصباحين دائريين صغيرين أخذا لنفسيهما مكاناً في الجهتين الجارجيتين للواجهة الأمامية حيث يلعبان دور مصابيح الإلتفاف والمصابيح النهارية التي تعمل أوتوماتيكياً بمجرد تشغيل المحرك. وتحت شبك فتحة التهوئة الذي يسيطر عليه الكروم اللماع، يبرز صادم نافر ولكن في الوسط فقط وهو يعلو فتحة تهوئة سفلية تمتد بين جانبي الواجهة الأمامية تمت تغطيتها بشبك كرومي مماثل لذلك الموجود في الفتحة العليا.
هذه هي بإختصار واجهة السيارة التي أمضيت يومين كاملين أتأمل تفاصيلها في أجواء منطقة وايلز البريطانية وفي ظل طقس سيطرت عليه الرياح القوية والأمطار المتفرقة في ظل برد قارس راوحت درجة حرارته في حدود 5 درجات مئوية. وعلى الرغم من أنني قمت بمئات اللفات حول مولسان خلال هذين اليومين الباردين، إلا أنني كنت دوماً أصل الى نتيجة واحدة وهي: أما أن تحب تصميم هذه السيارة أو أن تكرهه بقوة. فمع مولسان، لا يمكنك أن تأخذ موقف الوسط لأن تصميم هذه السيارة الكلاسيكي التقليدي ليس عادياً ويعمل على أخذك الى عالم من التطرف، خصوصاً إذا كنت من أولئك اللذين يميلون الى السيارات الرياضية المعاصرة أو يفضلون السيارات التي تنتمي الى عالم التأدية الرياضية.
وبغض النظر عن ما تشعرك به هذه السيارة عندما تنظر اليها وعلى الرغم من أنها تدفعك الى تأمل تفاصيلها كل على حدة وتمنعك من رؤيتها كتصميم إجمالي وتؤدي بك الى التساؤل عن السبب بتصميم كل تفصيل بالطريقة التي صمم بها، إلا أنه سيتوجب عليك أن تغمض عينيك وأن تأخذ نفساً عميقاً وأن تبدأ بتوجيه نفسك للنظر الى مولسان ككل. عندها، ستجد أن هناك شخصية مميزة وفريدة لا تتشابه مع أي سيارة أخرى وستكتشف أن ما يميز هذه السيارة لا يتمثل بتفاصيلها التصميمية، بل بقدرتها على التمتع بمستويات غير مسبوقة من العراقة المعززة بالكثير والكثير من الروح الأرستقراطية. وعندها أيضاً، ستعلم أن بنتلي كانت قادرة على بناء سيارة ذات تصميم معاصر أو على الأقل سيارة كلاسيكية بروح متطورة وتفاصيل تصميمية معاصرة كما هو الحال مع منافستها الرئيسية رولس رويس ولكنها قررت أن ما طالما ميزها وبالأخص منذ أن إستحوذت مجموعة فولكسفاكن على ملكيتها، هو قدرتها على توفير سيارات كلاسيكية تعيدك بمجرد النظر اليها الى حقبتي الخمسينات والستينات وما رافق هذين العقدين من نمو وحرية معززين بإقتصاد عالمي جيد وحياة رغيدة كانت تطاول كافة الطبقات الإجتماعية إبتداءً من طبقة الأغنياء وأصحاب الثروات الفاحشة وصولاً الى الطبقة ما دون المتوسطة.
وهنا يكفي أن تفتح أي من أبواب مولسان الأربعة كي تشعر أن إنتقالك الى خمسينات وستينات القرن الماضي ليس مجرد إحساس. فالمساحات الداخلية ليست كبيرة، بل ضخمة كما كانت سيارات أيام زمان المترفة. كما أن كميات الجلود المترفة والمطرزة مضافاً اليها مساحات الأخشاب «الأصلية» التي تلف القسم الأعلى من المقصورة والتي تطاول لوحة القيادة وبطانات الأبواب وصولاً الى المنطقة التي تلي المقعد الخلفي تؤكد لك وبالتعاون مع كميات الكروم اللماع وتصميم مفاتيح تشغيل فتحات التهوئة وغيرها من الأجهزة، أن المقصورة التي تحيط بك تعود الى واحدة من أعرق السيارات البريطانية الكلاسيكية وتشعرك أنك داخل سيارة تبلغ حوالي الخمسين من العمر تمت المحافظة عليها بطريقة إحترافية وبحيث لم يتم إستعمالها أبداً.
وما أن تشبع عينيك وأحاسيسك من تفاصيل هذه المقصورة وتقوم بتشغيل المحرك حتى تبدأ رحلة عودتك الى عالم اليوم المميز بتقنياته الحديثة وكمبيوتراته التي تسيطر على كل نواحي الحياة. ففي البداية، يعمل مفتاح تشغيل المحرك باللمس كما في السيارات الحديثة ويؤدي الى تحرك قطعة خشبية في وسط القسم العلوي من لوحة القيادة تكشف عن شاشة وسطية يتم من خلالها التحكم بعدد من أجهزة السيارة ومنها جهاز الملاحة عبر الأقمار الإصطناعية. كذلك يؤدي تشغيل المحرك الى عمل شاشة رقمية تأخذ لنفسها مكاناً بين عدادي السرعة ودوران المحرك يمكن التحكم بما توفره من معلومات رقمية.
وفي هذا السياق، لا ينحصر ما يعود بك الى عالم الواقع بجهاز الملاحة الذي يعمل بطريقة غرافيكية مماثلة لما يجده المرء في سيارات أودي وفولكسفاكن ولا بمكيف الهواء العامل بأربع مناطق تكييف منفصلة ولا بالنظام الموسيقي طراز Naim المزود بـ 20 مكبر صوت بقوة 2200 وات، بل يشمل كل ما لا تراه العين المجردة من أنظمة إلكترونية متطورة لا يرى منها المرء شيئاً سوى مفاتيح التشغيل والشاشات الرقمية. ومع ذلك، سيسطر عليك شعور واحد لن تتمكن من إغفاله وهو أنك على متن سيارة تحمل شعار بنتلي، خصوصاً عندما تنظر الى لوحة القيادة التي تأخذ لنفسها شكل حرف T ذو زوايا قائمة يتميز بمساحاته المسطحة التي يسيطر عليها الجلد المترف بقطبه النافرة والخشب المصقول بطريقة إحترافية متفوقة لدرجة توحي لمن ينظر اليه أنه يرى أشكالاً ثلاثية الأبعاد. وهنا لا بد من الإشارة الى أنه يتم تخصيص نصف الوقت المطلوب لصناعة مولسان لعملية تصنيع مكونات مقصورتها التي يمكن للزبائن أن يطلبوها تبعاً لأذواقهم، خصوصاً أن بنتلي تسمح لهم بإختيار الألوان وأنواع الجلود والأخشاب من لائحة طويلة تضم على سبيل المثال لا الحصر، أكثر من 100 لون خارجي.
وفي سياق الكلام عن الداخل، لا بد من الإشارة الى أنه محشي بالإضافات والتجهيزات التي تشمل مقاعد يمكن تعديل وضعياتها كهربائياً في الأمام والخلف. وقد تم تزويد هذه المقاعد بنظم تدفئة وتبريد وبأجهزة تدليك. كذلك تتوفر مولسان مع مقود بقدرة تعديل كهربائية وبحاجبات شمس أمامية وخلفية وجانبية بتشغيل كهربائي يطاول أيضاً غطاء صندوق الأمتعة، بالإضافة الى شاشتين خلفيتين مثبتتين في القسم الخلفي من مسندي الرأس الأماميين وبعدد لا ينتهي من إضافات الراحة والترف والعملانية المخصصة لكافة الركاب وبالأخص أولئك الجالسين في الخلف.
ولتجربة مولسان، قررت إدارة بنتلي أنه سيتوجب عليّ قضاء نصف التجربة في المقعد الخلفي بهدف إختبار مستويات الترف والراحة. ففي الخلف وعلى الرغم من الروح الكلاسيكية التي توحي لك أنك جالس في إحدى صالات الإستقبال التي تعود الى القرون الماضية لجهة الجو العام الذي يشدد على مستويات الترف الإستثنائية، لا يمكنك أبداً أن تغفل الرحابة العالية التي تحيط بك كراكب في الخلف. فهذه المساحات ضخمة، سواء كان ذلك لجهة المساحات المخصصة للرؤوس والأكتاف أو تلك المخصصة للأوراك والأقدام والأرجل والتي يعود السبب فيها الى قاعدة عجلات مولسان التي يصل طولها الى 326,6 سم يقابلها 557,5 و192,6 و152,1 سم لكل من طول مولسان وعرضها وإرتفاعها على التوالي. والى جانب الرحابة، يتميز المقعد الخلفي وعلى عكس باقي السيارات بمستويات راحة جلوس عالية جداً تم معها تزويد المقعد برغوات مطاطية متفاوتة القساوة جرى حفر العلوية منها لتناسب أشكال معظم الأجسام. وهنا، لا بد من الإشارة الى أن الرحابة الداخلية مكنت مهندسي بنتلي من التحكم بقياسات وأبعاد هذه المقاعد لتوفر مستويات راحة عالية بغض النظر عن أطوال الركاب وأحجامهم. ومن ناحية أخرى، تتمتع منطقة المقعد الخلفي بمجالات رؤية جيدة جداً في الأمام والجوانب وهذا ما يرفع مستويات إنارتها النهارية ويمكن ركاب الخلف اللذين تزيد أعمارهم في العادة عن 40 عاماً من تصفح الجرائد والمجلات والدخول الى المواقع الإخبارية والإقتصادية عبر كمبيوتراتهم اللوحية بسهولة ومن دون الحاجة الى مزيد من الإنارة.
ومن القسم الخلفي لـ مولسان، لم أتمكن أبداً من التغاضي عن الهدوء الهائل الذي شعرت به، سواء عند مرورنا في المدن المنتشرة في منطقة وايلز أو عند عبورنا على الطرقات السريعة التي تربط بين مدن وقرى هذا الريف البريطاني الذي يسيطر عليه اللون الأخضر الذي يطاول الطرقات الفرعية ذات التعبيد السيء الذي لم يتمكن تأثيره من الوصول الى المقصورة وذلك على الرغم من أن مولسان موضوع التجربة كانت تقف على عجلات معدنية بقياس 20 إنش.
ولأنني من محبي القيادة، كان لا بد لي من الإنتقال الى خلف المقود. حينها، شعرت أنه كان يتوجب عليّ أن ألبس بدلة السائقين البريطانيين وقبعاتهم كي أتمكن من الإحساس بما يشعر به سائقو هذه السيارة في بريطانيا. وما أن ذكرت ذلك ممازحاً مسؤولي بنتلي حتى قالوا لي أن أكثر من 50 بالمئة من مالكي مولسان يرفضون أن يقود سائق خاص سياراتهم هذه إلا في مناسبات خاصة وأن هؤلاء يصرون على قيادة سياراتهم بأنفسهم نظراً لما في ذلك من متعة وهذا ما سرّع إنتقالي الى مقعد السائق.
مجرد الإنطلاق بـ مولسان ولو بهدوء يشعرك بمدى النعومة التشغيلية المتقدمة التي يتحلى بها محركها المؤلف من 8 أسطوانات بشكل V سعة 6,75 ليتر والمزود بجهاز بخاخ إلكتروني مع توربو مزدوج يولد على أثرها هذا المحرك قوة 512 حصاناً يمكن إستخراجها كاملة بمجرد إيصال المحرك الى 4200 دورة في الدقيقة. ويمكن لهذا المحرك أن يوفر 1020 نيوتن متر من عزم الدوران الذي يبدأ إستخراجه عند مستوى 1750 دورة في الدقيقة لينتقل الى العجلتين الخلفيتين الدافعتين بالتعاون مع علبة تروس أوتوماتيكية متتالية تعمل من خلال 8 نسب أمامية متزامنة تتميز العليا منها بنسبها الطويلة الى تخفض مستويات دوران المحرك وتعمل بطريقة مباشرة علي الحد من إستهلاك الوقود وبالتالي على خفض إصدارات المحرك من الغازات السامة.
وعلى الرغم من وزن مولسان الذي يراوح في حدود 3200 كيلوغراماً، يمكن لمحركها أن يدفعها من حالة الوقوف التام الى سرعة 100 كلم/س في غضون 5,3 ثانية ترتفع الى 11,5 ثانية في حال كان التسارع الى 160 كلم/س، في وقت تعلن بنتلي أن السرعة القصوى التي يمكن بلوغها على متن مولسان تبلغ 296 كلم/س. وعلى الطريق، لا يمكن للمرء أن يتغاضى عن حجم مولسان الكبير، في وقت يمكن الشعور بوزنها المرتفع في المنعطفات وهذا أمر لمسته بنفسي عند قيادتها لبضعة لفات على حلبة أنغلسي التي تضم منعطفات منوعة بين القاسية والسريعة يتخللها مقاطع مستقيمة وأخرى ملتوية يتجه بعضها صعوداً وبعضها نزولاً. أما الملاحظ، فيتمثل بقدرة تعليق مولسان الذي يمكن التحكم بقساوة نبضه على إمتصاص إرتجاجات الطريق وإبعادها عن مقصورة الركاب حتى عند إعتماد وضعية سبورت التي ترفع قساوة التعليق وتحافظ على النسب لوقت أطول قبل التبديل وتؤثر ولو قليلاً على ليونة المقود.
وفي الإجمال، يمكنني القول أن مولسان سيارة مميزة في حال كنت تريد قيادتها، خصوصاً إذا كنت من السائقين اللذين يركزون على مستويات الفخامة والراحة الإستثنائية. أما في حال كنت تريد سيارة قادرة على تلبية متطلباتك كسائق رياضي، فقد لا تكون مولسان السيارة المثالية لك ولكنها قادرة على إظهار ما تملكه من مواهب رياضية ولكن شرط أن تكون أنت سائق قدير. أما في حال كنت من أولئك اللذين يريدون الأنتقال من خلال المقعد الخلفي لسيارة ما، فالسيارات الأخرى القادرة على نقلك في هذا الجو من الترف والفخامة والراحة والحصرية نادرة جداً والأرجح أن مولسان تتصدرها.
ولكن سواء كنت تعتمد المقعد الأمامي أو الخلفي لـ مولسان، فما لا شك فيه هو أن هذه السيارة تملك قدرة عجيبة على جذب الأنظار اليك وهذا في النهاية يشكل إحدى العناصر التي تمكن مولسان وبالتالي بنتلي من التفرد بما تتفرد به.
المواصفات
بنتلي مولسان
الأرقام
6,75 ليتر ـ 8 أسطوانات بشكل V ـ توربو مزدوج ـ دفع خلفي ـ 512 حصان عند 4200 دورة في الدقيقة ـ 1020 نيوتن متر عند 1750 دورة في الدقيقة
علبة التروس: 8 أوتوماتيكية ـ من صفر الى 100 كلم/س: 5,3 ثانية
السرعة القصوى: 296 كلم/س ـ الوزن: 3200 كلغ
الطول: 557,5 سم، العرض: 192,6 سم، الإرتفاع: 152,1 سم