بورشة 911 توربو S شريرة بكل ما للكلمة من معنى

  • تاريخ النشر: الثلاثاء، 01 أبريل 2014 | آخر تحديث: الثلاثاء، 08 فبراير 2022
مقالات ذات صلة
بورش 911 توربو S موديل 2014
سبعة أجيال من بورشه 911 توربو تقاتل في سباق السحب
بورش تطلق 911 توربو بمناسبة اليوبيل الذهبي

شريرة ولكن بطريقة إيجابية لأنها واحدة من السيارات القلائل التي ستؤدي بك الى التفكير بكيفية الحصول على المال الكافي لإمتلاكها

يمكنني القول أن 911 توربو S سريعة جداً ولدرجة أنها أسرع من شقيقتها الرياضية جداً، 911 GT3 وأسرع من 911 GT2 RS اللتان ستطلق الأجيال الجديدة منهما قريباً. وبإختصار، يمكن القول أنها أسرع سيارة منتجة بكميات تجارية لغاية موعد كتابة هذه السطور. فهي بكل بساطة قادرة على الإنطلاق من حالة الوقوف التام الى سرعة 100 كلم/س في خلال 3.1 ثانية ترتفع الى 10.3 ثانية في حال قمت بإطلاقها من الصفر الى سرعة 200 كلم/س. ومن ناحية أخرى، يمكنك مع هذه السيارة أن تصل الى سرعات خيالية على الطرقات العادية تراوح في حدود 280 كلم/س من دون أن تشعرك بسرعتها، مع العلم أن ذلك ليس السبب بقولي أنها سيارة شريرة. فالسبب هنا يعود الى قدرة هذه السيارة على تحويلك الى مدمن عليها ولدرجة أنك ستبدأ بالتفكير جدياً بطريقة تمكنك من توفير كمية كبيرة من المال قد تصل الى حدود 200 ألف دولار  وحتى ولو كان ذلك على حساب عائلتك، كي تتمكن من شرائها وإمتلاكها والتمتع بها.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

 

 

وهنا، يعود جزء من المتعة التي يمكن لهذه السيارة توفرها الى محركها الذي لا يزال يعتمد تقنية الأسطوانات الست المنبطحة والمتضادة بسعة 3.8 ليتر والذي نال أربعة عواميد كامة علوية مع أربعة صمامات لكل أسطوانة وجهاز فاريوكام بلس للتحكم بتوقيت عمل الصمامات مع نظام هيدروليكي لرفع الصمامات وجهاز بخاخ مباشر، بالإضافة الى توربو مزدوج وغيرها من تقنيات بورشه الرائدة والمتطورة وليتمكن على الأثر من توليد قوة 560 حصاناً يمكن إستخراجها بالكامل بين 6500 و6750 دورة في الدقيقة، أي بزيادة 30 حصاناً عن القوة التي يولدها محرك 911  توربو وبزيادة 29 حصاناً عن محرك الجيل الأسبق من 911 توربو S.
ولأن عزم الدوران يحتل لدى بورشه كما لدى معظم صانعي السيارات السوبر رياضية، أهمية قصوى، جرى تزويد محرك 911 توربو S بتقنيات مكنته من توفير 700 نيوتن متر يمكن الحصول عليها بين 2100 و4250 دورة في الدقيقة في حال تمت قيادة السيارة بالإعتماد على أي من برامج القيادة بإستثناء برنامج سبورت بلس الذي يرتفع معه عزم الدوران الى 750 نيوتن متر ستتطلب من السائق إبقاء دوران المحرك بين 2200 و4000 دورة في الدقيقة لإستخراج كامل العزم، خصوصاً أن إعتماد برنامج سبورت بلس يرفع من مستويات شحن التوربو المزدوج من 17.5 الى 20.3 psi. أما الجديد، فقد تمثل بتخلي هذه السيارة كلياً عن علبة التروس اليدوية التقليدية وتوفرها حصرياً وقياسياً بعلبة تروس PDK الأوتوماتيكية المتتالية ذات النسب السبع التي تعمل من خلال قابض فاصل مزدوج يساهم في تجهيز النسبة التالية ويقوم بتسريع عملية التبديل التي لا يمكنني أن أصفها إلا بالناعمة والسريعة جداً سواء تم ترك العلبة في الوضع الأوتوماتيكي لتقوم بتبديل النسب من تلقاء نفسها أو جرى إعتماد التبديل اليدوي من خلال مقبض علبة التروس أو عبر العتلتين المثبتتين خلف المقود.

 


وتنتقل قوى هذا المحرك بإتجاه العجلات الأربع بشكل مستمر ومن خلال ترس تفاضلي ذو صفائح متعددة هو نفسه الذي كان يتوفر لـ 911 في السابق ولكن بعد تطويره وتزويده بنظام هيدروليكي ـ كهربائي يعمل على تسهيل تحويل قوة الدفع بين عجلات المحورين الأمامي والخلفي وتزويده بنظام مفاضلة عزم الدوران (Vectoring) الذي يتحكم بكمية القوة الواصلة الى كل من الإطارين الخلفيين وهذا ما ينعكس بالإيجاب على مستويات التماسك الإجمالي ويساهم في تمكين 911 توربو S من الإلتفاف بسهولة أعلى، مع العلم أن مقدمة هذه السيارة تبقى عند زيادة الضغط عليها في المنعطفات، عرضةً للإنزلاقات الأمامية الطفيفة التي يمكن السيطرة عليها من خلال رفع القدم عن دواسة التسارع وإعادة الضغط على هذه الدواسة بشكل تدريجي.
وعلى غرار نسخ 911 الأخرى، كبر حجم 911 توربو S الخارجي بحيث إزداد طولها بمعدل 5.6 سم ليبلغ 450.6 سم مقابل 2.8 سم للزيادة التي طرأت على عرضها الذي وصل الى 188 سم. أما إرتفاعها الإجمالي البالغ 129.6 سم، فقد إزداد بمعدل 0.25 سم فقط. وعلى الرغم من أن هذه الزيادات طفيفة، إلا أن نتيجتها كانت كبيرة، خصوصاً أن الرفاريف الخلفية نافرة بإتجاه الخارج معدلـ 8.4 سم مقارنةً بالرفاريف الأمامية وهذا ما وفر لـ 911 توربو S شكلاً خارجياً هجومياً ومعززاً بطابع جمالي لا يمكن للمرء إلا أن يتوقف عنده كونه ساهم في تزويد هذه السيارة بحضور لافت شعرت أن باقي طرازات 911 ستبدو مقارنةً به وكأنها نالت حميات غذائية حولتها الى سيارات بعيدة عن التناسب الهندسي.

 


ومع ذلك، لم تتخلى 911 توربو S عن المعالم التصميمية التي تميز باقي نسخ 911 شأن الرفاريف الأمامية التي يزيد إرتفاعها عنه لإرتفاع غطاء صندوق الأمتعة الأمامي. وفي سياق الكلام عن الأمام، نشير أن 911 توربو S مزودة بعاكس هواء أمامي على شكل شفة سوداء تخرج من مكانها عند وصول السيارة الى 120 كلم/س لتساهم في خفض قوى الرفع الأمامية. كذلك نالت هذه السيارة تنانير جانبية للتحكم بمجرى الهواء حول وتحت السيارة المزودة بفتحتين جانبيتين في الرفرافين الخلفين تعملان على إدخال الهواء الى مقصورة المحرك، بالإضافة الى عاكس هواء خلفي مزدوج يرتفع قسم منه الى الأعلى عند وصول 911 توربو S الى سرعة 120 كلم/س لمواجهة التغيرات الإنسيابية الحاصلة في الأمام. ومن ناحية أخرى، تقف هذه السيارة على عجلات معدنية رائعة التصميم بقياس 20 إنش وبعرض 8.5 إنش في الأمام و11 إنش في الخلف مع إطارات رياضية بقياس 245/35 في الأمام و305/30 في الخلف. وعلى الرغم من هذه الزيادات في الأبعاد الخارجية، أخضعت بورشه سيارتها هذه الى عملية تخفيف وزن شملت ولأول مرة إعتماد هيكل خارجي من الألومنيوم إنخفض معه الوزن الى 1605 كلغ.
في الداخل، يبقى التشابه مع باقي نسخ 911 كبيراً ولكن المهم هنا هو أن توربو S تتمتع بمقاعد يمكن القول أن الراحة التي توفرها تزيد ولو قليلاً عن المعدل ولكن قدرات التثبيت التي تتميز بها هذه المقاعد متفوقة وهذا أمر إختبرته بنفسي في المنعطفات السريعة وخلال المناورات حيث تؤمن هذه المقاعد إحتضاناً ممتازاً للأجسام وتمنع إنزلاقها أو تحركها. أما في الخلف، فهناك مقعد خلفي قد يصلح للأطفال ذلك أن المساحات الداخلية المحيطة به صغيرة جداً وذلك على عكس الأمامية التي يمكن وصفها بالكبيرة حتى ولو كان راكبا الأمام من أصحاب القامات الطويلة جداً. ومن جهة أخرى، تتابع مقصورة توربو S مسيرة مقصورات سيارات بورشه لجهتي التصميم المتطور وعملانية الإستعمال المتقدمة.

 


على الطريق، سيشعر المرء بأن هناك قساوة طفيفة في التعليق نتج عنها إنخفاض عمليات ميلان الهيكل مقارنة بالجيل الأسبق وزيادة في ليونة السيارة مع مستويات تماسك متقدمة أدت بي الى البدء في زيادة الضغط على دواسة التسارع عند خروجي من المنعطفات. عندها ومع توقعي ببدء إنزلاق القسم الخلفي من السيارة، كان نظام مفاضلة عزم الدوران يبدل في نسبة القوة الواصلة الى الإطارين الخلفيين بحيث كانت مستويات التماسك تزداد بإستمرار ولدرجة دعتني الى التساؤل عدة مرات عن الحدود التماسكية لهذه السيارة التي كانت تتعرض لبعض الإنزلاقات الأمامية الطفيفة التي يمكن السيطرة عليها من خلال رفع القدم عن دواسة التسارع. ومع ذلك تنشر هذه السيارة الحماس في نفسك وتؤدي بك الى الإستمرار في الضغط ولتكتشف أنها قادرة علي الإنتقال بين المنعطفات بسرعات هائلة يساعدها في ذلك علبة تروس متجاوبة على الدوام ومحرك قادر على توفير مستويات عالية من عزم الدوران إبتداءً من 2000 دورة في الدقيقة.
أما أبرز ما تتميز به هذه السيارة، فيتمثل بفعالية إنتقال قوى المحرك الى الطريق. وهنا لا يمكن للمرء أن ينكر دور البنية التحتية من السيارة. فالشاسي جديد كلياً وهو يعتمد علي قاعدة عجلات إزداد طولها ليبلغ 245 سم عززتها بورشه بزيادات في طول المحورين الأمامي والخلفي اللذان بلغ طول الأمامي منهما 153.9 سم مقابل 159 سم للخلفي، الأمر الذي إنعكس على شكل سيارة أعرض من السابق وهذا ما رفع من القدرات التماسكية التي عززتها بورشه أيضاً من خلال نظام PTM الذي يتحكم بتماسك السيارة والذي يعمل بالتناغم مع أجهزة التحكم بالتوازن، التحكم بالتعليق (PASM) الذي يتحكم بإدارة الشاسي الديناميكي (PDCC) وبالقضبان الهيدروليكية المقاومة للإنحناء والغوص والتي تتوفر جميعها ضمن مجموعة سبورت كرونو التي تنتمي الى لائحة التجهيزات القياسية في 911 توربو S. وهنا، لا يمكنني إلا أن أشكر بورشه على المعايير التي إختارتها لجهاز PTM للتحكم بالتماسك والذي يترك للسائق حرية التصرف على هواه ولا يتدخل إلا بعد أن تزداد الإنزلاقات عن المستوى المنطقي والمقبول وهذا ما يرفع من متعة إنغماس السائق في عملية القيادة. أما عند إعتماد برنامج سبورت بلس للقيادة وإيقاف عمل جهاز التحكم بالتماسك، فتزداد الإنزلاقات وبالأخص الخلفية منها ولكن نظام الدفع الرباعي يؤكد للسائق علي الدوام أن دوره في توفير تماسك جيد، كبير.
أما المقود، فهو ينتمي وعلى غرار باقي نسخ 911، الى نادي أجهزة المقود الميكانيكية ـ الكهربائية ولكنه من 911 توربو S يعمل بالتعاون مع نظام توجيه ميكانيكي ـ كهربائي في الخلف يقوم ولغاية سرعة 60 كلم/س بلف العجلتين الخلفيتين بعكس العجلتين الأماميتين، رافعاً بذلك من قدرات المناورة على السرعات المنخفضة. أما عندما تتعدى السرعة حدود الـ 80 كلم/س، تلتف العجلات الخلفية بنفس إتجاه الأمامية، مما يزيد من التماسك الطولي للسيارة. ويتميز المقود بدقة توجيهية عالية وتجاوب متقدم ولكنه لا يوفر شعوراً مثالياً بالطريق وذلك على عكس الإنقيادية التي تركز ـ نوعاً ما ـ على الراحة عند إعتماد برنامج القيادة القياسي. أما عند الإنتقال الى برنامج سبورت بلس للقيادة، فتشعرك 911 توربو S أنها قاسية ومختلفة كلياً كونها تتحول حينها الى سيارة تضع التماسك ضمن لائحة أولوياتها. وفي مواجهة كل ذلك، كانت سيارة التجربة مزودة بمكابح سيراميكية ممهورة بتوقيع الصانع المتخصص، برمبو تتميز بقدرتها الهائلة على لجم السيارة وإيقافها ضمن مسافات قياسية وذلك مع العلم أن الشعور بدواسة المكابح عادي ومماثل لدواسات الكبح العاملة من خلال مكابح معدنية قياسية. وهنا، يذكر أن المكابح تعتمد على أسطوانات قرصية مهواة وتعمل بمكابس سداسية في الأمام ورباعية في الخلف.

 


وفي مواجهة كل هذه التقنيات التي تحول عملية قيادة 911 توربو S الي متعة خالصة، يبقى هناك إنتقادان إثنان لا بد من ذكرهما. ويتمثل الأول منهما بتدني فعالية عمل جهاز التوربو عندما يكون دوران المحرك أقل من 2000 دورة في الدقيقة، أي عند القيادة في زحمة السير التي يتخللها عمليات توقف متكررة. أما المأخذ الثاني، فلا ينحصر بهذه السيارة، بل بمعظم طرازات بورشه الرياضية، أي 911، كليمان وبوكستر وهو هدير العوادم الذي أجده شخصياً من الأصوات العادية والمملة، على الرغم من أنه من علامات بورشه الفارقة.
أخيراً، لا بد من القول أن هذه السيارة باتت مع الزيادات التي طرأت علي أبعادها الخارجية من أجمل السيارات السوبر رياضية وأكثرهن إثارة وهي تخفي خلف هيكلها الخارجي مقصورة رحبة وعملانية ورياضية القلب لن تود مغادرتها. كذلك إزدادت مستويات تماسك هذه السيارة وتأديتها وباتت قادرة على جعل السائق ينغمس في عملية قيادتها حتى ولو كانت هذه القيادة هادئة وفي الشوارع المزدحمة. وعلي الرغم من أن هناك ناحيتين كنت أود لو أعادت بورشه النظر فيهما، إلا أنه لا يمكنني إلا أن أقول أن هذه السيارة هي عبارة عن تحفة هندسية ألمانية متفوقة ظهرت أخيراً في أبهى حللها.

 

المواصفات