بي ام دبليو M4 تستحق علامة كاملة
يوم تحولت نسخة الكوبيه من بي ام دبليو فئة 3 الى سيارة تحمل تسمية فئة 4، شعر البعض بنوع من الغرابة التي حسمتها بي ام دبليو بالقول أن فئات الأبواب الأربعة وبكافة نسخها ستحمل الرقم 3 مقابل الرقم 4 لكل نسخ هذه السيارة التي تعتمد على مبدأ تصميم سيارات الكوبيه. وعلى الرغم من أن معظم محبي العلامة البافارية تمكنوا من تخطي اللغط الذي سببته التسمية، إلا أن عدداً كبيراً منهم لا يزال يعتقد أن تخلي M3 وبالتالي M4 عن محرك الأسطوانات الثماني ذو السحب العادي وإعتمادهما على محرك ينتمي الى نادي محركات الأسطوانات الست المتتالية مع توربو أفسد الأمور. وهنا يمكنني أن أتفهم السبب في ذلك لأنني واحد من محبي المحركات ذات السحب العادي التي لا تعتمد على نظم شحن إضافية كونها قادرة على توفير عزم دورانها بطريقة مستمرة طالما يضغط السائق على دواسة التسارع، في وقت تعاني معظم المحركات المزودة بأجهزة توربو من تدني فعالية عمل هذا الأخير عند مستويات الدوران المنخفضة والتي تتطلب من السائق أن يعتمد على نسب دنيا لعلبة التروس بهدف إبقاء الدوران في حالة إرتفاع يمكن معها إستخراج ما يخفيه جهاز التوربو من تأثيرات تسارعية.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
وهنا، لن يضطر أصحاب هذه النظرية الى أكثر من قيادة M4 وهذا ما فعلته بنفسي ولأنتهي الى نتيجة مفادها أن هذه النظريات خاطئة كلياً. فعلى الرغم من أن M4 خسرت إثنتين من إسطوانات محركها وإعتمدت على محرك يتألف من 6 أسطوانات متتالية بسعة 3 ليترات، إلا أنها إستفادت من جهاز توربو مزدوج تم تعديل معايير عمله ليساعد المحرك على توفير قواه وعزمه إبتداءً من مستويات دوران منخفضة ولغاية وصوله الى مستويات دوران متوسطة ومتوسطة ـ عليا، مما يعني أن ضغط M4 (وM3 أيضاً) يؤكد أن هذه السيارة قادرة على توفير تأدية رياضية متقدمة، سواء كان دوران محركها يراوح في حدود 3000، 5000 أو 7000 دورة في الدقيقة لأن إستخراج العزم يتم بطريقة مستمرة وثابتة وسريعة وإبتداءً من 1850 ولغاية 5500 دورة في الدقيقة. أما لمن يعتقد أن غياب محرك الأسطوانات الثماني ذو السحب العادي سيؤدي الى فقدان M4 لهدير عوادمها الرياضي الذي يرتفع مع إرتفاع دوران المحرك، فقد عمدت بي ام دبليو الى تزويد المحرك بوحدة تحكم بعمل المحرك تعمل على مراقبة مستويات الدوران وتقدر نوعية الهدير الذي يجب أن يصدر عنه لتقوم بعد ذلك بتعويض ذلك من خلال مكبرات صوت النظام الموسيقي التي تبدأ بإصدار هدير رياضي داخل المقصورة يتطلب خبيراً في هدير العوادم ليعرف أنه إصطناعي.
ولتعويض تدني فعالية عمل التوربو عند الإنطلاق، سيتوجب على المرء أن يعتمد على برنامج سبورت بلس للقيادة الذي يقوم بضخ كميات قليلة من الوقود في الأسطوانات عندما يرفع السائق قدمه عن دواسة التسارع أو عند الضغط على دواسة المكابح، الأمر الذي يمكن عملية الإحتراق من الإستمرار وهذا ما يمكن جهاز التوربو من الإستمرار في الدوران بمعدل يراوح في حدود 120 ألف دورة في الدقيقة. وبمجرد إعادة الضغط على دواسة التسارع، يرتفع دوران التوربو ويبدأ توفير العزم والقوة بشكل سريع جداً. وهنا، لا بد من الإشارة الى أن مهندسي بي ام دبليو وبالتعاون مع زملائهم في فرع M الرياضي قاموا بعمل ممتاز نتج عنه تحكم تام بأجهزة التوربو التي تتجاوب بردات فعلها بشكل دقيق جداً مع أوامر وتصرفات السائق وهذا ما يرفع من مستويات تجاوب المحرك ويمكنه من توفير تأدية رياضية جداً منها تسارع M4 من الصفر الى 100 كلم/س في 4.1 ثانية. وفي هذا السياق، تضيف بي ام دبليو أن الإنتقال من محرك V8 بسحب عادي الى محرك سداسي الأسطوانات مع توربو مزدوج لم يساهم في تحسين التأدية وخفض الوزن العام ورفع عزم الدوران بمعدل 40 بالمئة وحسب، بل مكن M4 من التحلي بإستهلاك أفضل بنسبة 25 بالمئة من قبل وليبلغ إستهلاكها العام 8.3 ليتر لكل 100 كلم.
ومع إعلان بي ام دبليو أن محرك M4 يولد قوة 425 حصاناً بين 5500 و7300 دورة في الدقيقة تترافق مع 550 نيوتن متر يمكن إستخراجها بين 1800 و5500 دورة في الدقيقة، كان لا بد لي من إخضاع هذه السيارة الى إختبار رياضي ولأكتشف أن هذه السيارة مماثلة بطريقة نقلها للقوة والعزم الى الإطارات الخلفية الدافعة ومنها الى الطريق لشقيقتها ذات الأبواب الأربعة، M3. فإنتقال هذه القوى الى الطريق سلس وناعم ومحاولة جعل M4 تنزلق في حال كان جهاز التحكم بالتماسك يعمل، صعبة جداً ذلك أن هذا الجهاز يستشعر الإنزلاقات ويتدخل على الفور. أما عند إيقاف عمل هذا الجهاز، فتشعر أن القسم الخلفي من M4 غير متماسك ولكنه يقوم بما يقوم به من إنزلاقات متتالية وهو يشعر بسعادة بالغة تنتقل اليك كسائق وترسم إبتسامة عريضة على وجهك، خصوصاً أن مواجهة هذه الإنزلاقات تتم من خلال تعديل الضغط على دواسة التسارع ولف المقود بعكس إتجاه الإنزلاق الخلفي. وهنا، يلعب المقود دوراً أساسياً كونه يتميز بدقة تشغيل عالية معززة بقدرة جيدة على نقل ما تتعرض له الإطارات الأمامية الى يدي السائق. أما هندسة التعليق الأمامي ومعاييره، فتشعرك من خلف المقود أنها تعمل لصالحك كونها تجهد في سبيل منع إنزلاق المقدمة.
وهنا، لا يمكن للمرء أن ينكر دور المحرك في توفير هذه التأدية الرياضية الممتعة. فعلى الرغم من سعته البالغة 3 ليترات تم توزيعها على 6 أسطوانات متتالية وتعزيزها بتوربو مزدوج، إلا أن مهندسي بي ام دبليو وفرع M قاموا بتعديلات جمة على هذا المحرك بهدف زيادة قدراته وتحسين إعتماديته. وفي هذا السياق، تمت تقوية الجذع المرفقي وخفض وزنه، في وقت تم الإعتماد على محاور ربط مفرغة من الداخل لحمل المكابس التي تتحرك داخل أسطوانات تم تلبيسها بطبقة من النيكل لخفض مستويات الإحتكاك. كذلك قام فرع M بتزويد M4 (وM3 أيضاً) بمحور لنقل الحركة تمت صناعته من الألياف الفحمية وذلك بعد إعتماد مبدأ الداخل المفرغ فيه. ولنقل قوى المحرك الى العجلتين الخلفيتين، تم الإعتماد في سيارة التجربة على علبة تروس أوتوماتيكية متتالية تنقل نسبها السبع عبر قابض فاصل مزدوج هي عبارة عن نسخة مطورة من علبة التروس التي كانت تتوفر للجيل الأسبق من M3. أما الترس التفاضلي الخلفي الذي يوزع قوى الدفع بين العجلتين الخلفيتين، فهو نسخة من المحور الذي يتوفر للشقيقتين M5 وM6 وهو مزود هنا بقدرة إنزلاق محدودة وبتحكم إلكتروني يمكنه من الإغلاق الكلي تحت تأثير التسارع والكبح. ومن ناحية أخرى، تم التركيز على خفض الوزن من خلال تعديلات المحرك وعبر إستعمال الألومنيوم المعالج في التعليقين الأمامي والخلفي وتحديداً مع الأذرع الأمامية والوصلات المتعددة الخلفية. كذلك، قامت بي ام دبليو بإعتماد الألياف الفحمية لصناعة سقف M4 وغطاء صندوق أمتعتها المزود بعاكس هواء مدمج، مقابل الألومنيوم الذي طاول الرفاريف الأمامية وغطاء المحرك وهذا ما مكن M4 من التحلي بوزن يبلغ 1610 كلغ، أي أقل بحوالي 91 كلغ من الجيل الأسبق.
وفي مواجهة المتعة الهائلة التي تولدها القيادة الرياضية لهذه السيارة على الطرقات الملتوية والمتعرجة، يكفي أن يختار سائق M4 معيار كومفورت في جهاز التحكم بأساليب القيادة والذي يتحكم بمعايير عمل التعليق والمقود وتجاوب دواسة التسارع والذي يتم إعتماده عادةً للقيادة اليومية على طرقات المدينة، ليشعر أن متعة القيادة لا تتبدل إلا بشكل طفيف ذلك أن الإنقيادية تميل الى القساوة حتى عند إعتماد معيار كومفورت وهذا ما يذكرك على الدوام أنك لست خلف مقود أي سيارة أخرى من بي ام دبليو وأن السيارة التي تتواجد على متنها رياضية قلباً وقالباً. وهنا، يلعب العادم الرياضي دوره كونه يتمتع بهدير رياضي ممتع لا يكتفي بجذب الأنظار الى السيارة، بل يعمل أيضاً على إمتاع من يتواجد داخل المقصورة.
وعلى الطرقات المدينية، تشعرك M4 وتحديداً قضبانها المقاومة للغوص والإنحناء في الأمام والخلف، أن السيارة لا تتعرض الى أي تمايلات هيكل قد تتسبب بها الطرقات السيئة التعبيد أو غير المسطحة. ومع ذلك، تبقى M4 من السيارات التي يمكن إستعمالها بشكل يومي، سواء كان سائقها ينتقل على منتها لوحده أو مع مرافقين. ففي الأمام، تتحلى المقصورة برحابة عالية مصدرها مقعدين أماميين قادرين على إستيعاب ذوي الأجسام الكبيرة وطويلي القامة وذلك بفضل إمكانية تعديل هذين المقعدين بكافة الإتجاهات. أما في الخلف، فهناك مقعد خلفي مخصص لراكبين ولكن طويلي القامة قد يعانون من ضيق المساحات الداخلية المخصصة للأقدام في حال كان المقعدان الأماميان مثبتان الى أقصى الخلف وتلك المخصصة للرؤوس والتي يتسبب بها السقف المنحني في الخلف. وفي سياق الكلام عن المقصورة، لا بد من الإشارة الى أنها تتحلى بمساحات زجاجية محيطية مدروسة لتوفير مجالات رؤية أمامية وجانبية ممتازة تتدنى نسبياً لناحية مجالات الرؤية الخلفية والجانبية الخلفية بسبب تصميم الكوبيه.
وفي الداخل، تعتمد M4 على لوحة قيادة مماثلة لتلك التي تتوفر للشقيقة فئة 4 لجهة معالمها التصميمية ولكن مقصورة M4 تنفرد ببعض التفاصيل التي يفترض بها أن تعزز الروح الرياضية للسيارة شأن المقاعد الأمامية التي تنتمي الى نادي مقاعد الباكيت التي تحتضن الأجسام وتثبتها أثناء القيادة الرياضية والتي يساعدها في ذلك مقاطع جانبية نافرة في منطقة وسط وأسفل الظهر يمكنها أن تتحرك كهربائياً لتناسب جميع أنواع الأجسام. كذلك ينفرد المقعدان الأماميان بشعار M المزود بنظام إنارة خافت يعمل بمجرد تشغيل المصابيح الأمامية. ولزيادة الفرادة، زودت المقصورة بشعارات M التي طاولت عتبات الأبواب، مسند قدم السائق اليسرى، مقبض علبة التروس وتجويف العدادات. أما جهاز iDrive، فقد تم تزويده بنظام تشغيلي مطور وبنظام ملاحة يتميز بدقة عمل عالية، في وقت تتوفر M4 مع عدد كبير من التجهيزات المعاصرة شأن نظام مساعدة السائق الذي يحمي سائق M4 وركابه من الحوادث المحتملة والذي يعمل بالتنسيق مع جهاز التحكم النشط بالسرعة ومع نظام توقف / إنطلاق وغيرها من التجهيزات التي تسهل التحكم بالسيارة وترفع من مستويات الأمان فيها.
أما من الخارج، فتعتمد M4 على تصميم الشقيقة فئة 4 ولكنها كما في الداخل، تضيف بعض التعديلات ومنها فتحات إطارات نافرة وكبيرة تمكنها من إستيعاب عجلات رياضية خفيفة بقياسي 18 و19 إنش، مقطع نافر في وسط غطاء المحرك، فتحات تهوئة جانبية عمودية، صادم أمامي رياضي ينفرد بمجموعة من الفتحات والشفرات الأفقية والعمودية التي توجه الهواء الخارجي الى أماكن محددة خلف وتحت الهيكل للمساهمة في عمليات التبريد والتي تتحكم في الوقت نفسه بطريقة تدفق الهواء حول وتحت السيارة لرفع قدراتها التماسكية. كذلك تنفرد M4 بطلاء أسود اللون لشبك فتحات التهوئة الأمامية، شعار M في الأمام، مرايا جانبية بتصميم مقوس في القسم العلوي الداخلي للتحكم بتدفق الهواء وخفض ضجيجه على السرعات العالية وعاكس هواء خلفي مدمج في أعلى صندوق الأمتعة مع ناشر هواء خلفي يحتوي على مخارج العادم الرياضي.
وبإختصار، يمكن القول أن ما قامت به بي ام دبليو وفرع M مع هذه السيارة ممتاز ذلك أن سيارات M لطالما كانت تعتمد على مبدأين رئيسيين يتمثل أولهما بالتأدية الرياضية المعززة بإنقيادية مختلفة عن ما يتوفر في السيارات المنافسة، فيما يتمحور ثانيهما حول متعة القيادة الإستثنائية. وفي هذين المجالين، يمكنني أن أجزم أن بي ام دبليو سجلت علامة كاملة.