تجربة قيادة شفروليه تاهو و جي ام سي يوكون
-
1 / 26
من يراقب عالم صناعة السيارات اليوم وتحديداً شركة بي ام دبليو، يجد أن هذه الشركة تعتمد على خطة فريدة لزيادة مبيعاتها. فقد بدأت منذ مطلع الألفية الحالية بإبتكار فئات وقطاعات جديدة من السيارات لم يسبق لها أن تواجدت ومنها على سبيل المثال لا الحصر، سيارات النشاطات الرياضية التي تعتمد تصميماً خارجياً يعود الى سيارات الكوبيه وطرازات غراند توريزمو التي تمزج بين مبادئ الستايشن واغن والهاتشباك والكوبيه وغيرها. ولمن يعتقد أن خطة بي ام دبليو هذه هي الأولى من نوعها في العالم، أعتقد أنكم مخطئون. فمنذ أكثر من 80 عاماً وتحديداً عام 1930، تعرضت الكرة الأرضية بأكملها لإنهيار إقتصادي أسوأ بكثير من الأزمة الإقتصادية التي مررنا بها منذ عدة أعوام، الأمر الذي إنعكس ـ وكما العادة ـ بشكل سئ جداً على القارة الأميركية الشمالية التي شحت فيها الأموال لدرجة أن الناس لم يكونوا قادرين على شراء أكثر من وجبة طعام يومية واحدة. وهنا، طاولت هذه الأزمة بشكل رئيسي شركات صناعة السيارات الأميركية وعلى رأسها جنرال موتورز التي كان عليها أن تجد حلاً ما يمكنها من رفع مبيعاتها وزيادة مداخيلها ولتظهر الفكرة ـ الحل الأولي لـ جنرال موتورز الأولى على شكل السؤال التالي:
لماذا لا نقوم بمزج مبدأ سيارات الركاب المعدة للإستعمالات اليومية على الطرقات العامة بمفهوم الشاحنات الخفيفة التي تندفع بالعجلات الأربع وتقوم بالأعمال الشاقة في عالمي الزراعة والصناعة؟
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
[img:0]
ومن خلال هذه الفكرة، تم إبتكار فئة جديدة من سيارات الدفع الرباعي الكبيرة الحجم والقادرة على القيام بدور الشاحنات الخفيفة ولكن مع مواصفات سيارات السيدان السياحية باتت اليوم تُعرف بإسم سيارات الـ SUV أو السيارات الرياضية المتعددة الإستعمال. وقد ظهرت الثمرة الأولى لهذه الفكرة عام 1935 على شكل سيارة أطلقتها جنرال موتورز عبر فرعي شفروليه وجي ام سي تحت تسمية سابربان ولتصل هذه السيارة اليوم وبعد ثمانين عاماً تقريباً على إنطلاقها، الى جيلها الثاني عشر الذي لا يزال يلاقي رواجاً عالياً في عدد من الأسواق العالمية وعلى رأسها منطقة الشرق الأوسط وتحديداً الخليج العربي حيث يمكن القول أن سابربان تعتبر جزءاً من التراث المحلي، خصوصاً أنها كانت في بداياتها في منطقتنا من السيارات النادرة القادرة على نقل العائلة الخليجية التي كانت تتميز بعدد أفرادها الكبير بسهولة ويسر تام على كافة أنواع الطرقات ومع كم أكثر من معتدل من الأمتعة والحاجيات. ومن ناحية أخرى، لم تكتفي سابربان حينها بمقصورتها الرحبة والمزودة بمكيف هواء جبار، بل كانت تضيف الى ذلك قدرات جر وقطر عالية مع إندفاع رباعي يمكنها من عبور أكثر الدروب والمسالك وعورة والأهم من ذلك إعتمادها على محركات كبيرة السعة تتميز شأنها لعلب التروس ومنظومات الدفع المرافقة بإعتماديتها العالية وتكاليفها التشغيلية المتدنية وعمليات صيانتها السهلة. ومن هنا، باتت رؤية سابربان وشقيقتيها الصغيرتين ـ الكبيرتين، أي كل من شفروليه تاهو وجي ام سي يوكون اللتان يقل طولهما الإجمالي عنه لطول سابربان ويوكون XL بمعدل نصف متر، على الطرقات الخليجية من الأمور التي إعتادت العين على رؤيتها بشكل مستمر ودائم.
[img:1]
واليوم وبعد مرور حوالي 7 سنوات على وضع الجيل الحالي من تاهو ويوكون في الخدمة، كان لا بد لشركتهما الأم، أي جنرال موتورز من إطلاق جيل جديد منهما ومن سابربان. وفي هذا الإطار وفي ظل الإنتقادات التي طالما طاولت هذه السيارات الثلاث عبر وصفها بالشاحنات (وهذا بالمناسبة ما تطلقه جنرال موتورز عليها أيضاً)، كان لا بد من العمل على تبديل النظرة العامة الى هذه السيارات، خصوصاً في ظل المنافسة العاتية في الأسواق وبالأخص اليابانية منها والصادرة عن كل من نيسان باترول وتويوتا لاندكروزر ولكزس LX. ومن هنا، كان قرار جنرال موتورز بإخضاع تاهو ويوكون اللتان تتشاركان بكل المكونات تقريباً وسابربان ويوكون XL اللتان تتشاركان أيضاً بالكثير من المكونات فيما بينهما وبعدد أكبر فيما بينهما وبين كل من تاهو ويوكون، الى عمليات إعادة تصميم متكاملة تشمل كل ما فيها.
فمن الخارج وعلى الرغم من التشابه الكبير بين السيارات الأربع، إلا أن جنرال موتورز قررت إبعادها “تصميمياً” عن شقيقاتها سييرا وسيلفرادو اللتين تنتميان الى قطاع الشاحنات الخفيفة وشددت على زيادة الفوارق التصميمية بين طرازي تاهو / سابربان وطرازي يوكون / يوكون XL. وهنا، لن أدخل في متاهات وصف كل منهما، بل سأترك الأمر للصور المرفقة والتي تبين الفارق الكبير في تصاميم الواجهات الأمامية والفوارق الصغيرة التي تنفرد بها كل سيارة لجهة التصميمين الجانبي والخلفي وسأركز على ما نالته هذه السيارات من تعديلات وتطويرات لا تراها العين المجردة شأن عملية العزل الصوتي التي نالتها المقصورات التي تم تزويدها بأبواب مدمجة بالهيكل تخفي وفتحاتها شرائط مطاطية ثلاثية تهدف الى منع الضجيج الخارجي من الوصول الى المقصورة التي زودت أيضاً بزجاج أكثر سماكة من السابق يقوم بعزل الأصوات الخارجية بطريقة فعالة في سيارات لا يمكن لأي كان أن ينكر مدى ضخامة حجمها الخارجي الذي يقوم على عدد كبير من الأسطح العمودية التي تلعب عادةً في عكس صالح قوانين الإنسيابية. وفي هذا السياق، يمكنني القول أن جنرال موتورز سجلت علامة كاملة في هذا الميدان، خصوصاً أنني قدت تاهو ويوكون على سرعات تراوح في حدود 140 كلم/س وشعرت بمستويات الهدوء العالية التي أوحت لي وكأنني كنت أقود الجيل الأسبق بسرعة 70 أو 80 كلم/س.
[img:2]
والى جانب الهدوء البالغ، عملت جنرال موتورز على تطوير الشاسي الذي يحمل هذه السيارات رافعة صلابته العامة وصلابته الإلتوائية وأضافت المزيد من مكونات الصلابة في مقصورة المحرك وعدلت تصميم المقطع الحامل للوحة القيادة وزودت السيارات بنظام مقود إلكتروني جديد مجهز بنظم إستشعار تستبق قيام السائق بتصحيح خط السير عند تعرض السيارة الى هواء جانبي قوي أو عند سيرها على طريق غير مستوية وتقوم بزيادة مستوى مساعدة المقود مسهلةً عملية التصحيح على السائق وبالأخص عندما يكون متعباً. ومع هذه التعديلات التطويرية والكثير غيرها، سيشعر سائق أي من السيارات الأربع أن مستويات التماسك والإنقيادية تبدو وكأنها تعود الى سيارات أصغر حجماً وهذا ما يرفع ثقته ويدعوه الى زيادة سرعته وبالأخص في الطرقات الملتوية التي كانت جزءاً من الطريق المعتمدة خلال تجربة إطلاق السيارات الأربع.
وفي سياق الكلام عن التجربة وعلى الرغم من أنني لم أقد السيارات الأربع إلا لمسافات صغيرة، إلا أنه يمكنني القول أن قيادة تاهو مماثلة لقيادة يوكون وأن الفارق الوحيد بين السيارتين يتمثل بالإنقيادية. ففي وقت تعتمد تاهو على تعليق عادي يجمع بين مقومات الراحة والإنقيادية الجيدة، نالت يوكون نظام التحكم المغناطيسي بالإنقيادية والذي يقوم بمراقبة الطريق وأسلوب القيادة ويعمل على تعديل نبض التعليق تبعاً لقراءاته، الأمر الذي ينعكس على شكل مزيد من الراحة ومزيد من التماسك. وفي الداخل، يشعر المرء أن السيارات الأربع متماثلة، خصوصاً أن لوحة القيادة واحدة بإستثناء بعض التفاصيل التصميمية في يوكون التي تشعرك أنها أكثر فخامة من تاهو وبالأخص في الأقسام العلوية من المقصورة التي تم تلبيسها بجلود مطاطية. ويزداد الإحساس بترف يوكون ويوكون XL مقارنةً بـ تاهو وسابربان من خلال الجلود المعتمدة للمقاعد. وفي هذا الإطار، لا بد من الإشارة الى أن فتحات الأبواب الداخلية في السيارات الأربع أصبحت أكبر لتسهيل عمليتي الدخول والخروج الى ومن صفي المقاعد الوسطي والخلفي. وهنا، باتت المقاعد الخلفية أكبر حجماً وأكثر راحة وقد تم تزويدها في تاهو وسابربان بنظم ميكانيكية لطيها مقابل عمل يدوي سهل لإعادتها الى وضعيتها العمودية. أما في يوكون ويوكون XL، فقد تم الإعتماد على نظام كهربائي لتحريك صفي المقاعد الوسطي والخلفي وبالأخص هذا الأخير الذي تم وضع المحور الخلفي تحته وبحيث بات يتمتع بمساحات معتدلة أمامه تتدنى كثيراً في تاهو ويوكون بسبب وضعية المحور الخلفي الذي أخذ لنفسه مكاناً أمام صف المقاعد الثالث، مما يجعل المساحة المخصصة للأرجل متدنية جداً. وفي هذا السياق، يحصل من يعتمد على تاهو أو يوكون على حجم تحميل خلفي يبلغ 425 ليتر مقابل 1104 ليترات لـ سابربان / يوكون XL وذلك من دون طي صفي المقاعد الوسطي والخلفي.
[img:3]
ولكل من تاهو ويوكون وسابربان ويوكون XL، توفر جنرال موتورز محركاً واحداً من نادي محركات إيكوتك 3 الذي يعتمد على تقنية الأسطوانات الثماني بشكل V سعة 5.3 ليتر. ويمكن لهذا المحرك المزود بتقنية إيقاف نصف عدد أسطواناته عن العمل في حال لم تكن ظروف القيادة تستدعي إستخراج كامل طاقاته، أن يولد قوة 355 حصاناً عند 5500 دورة في الدقيقة تترافق مع 516 نيوتن متر من عزم الدوران الذي يتوفر عند مستوى 4100 دورة في الدقيقة. ومع هذا المحرك، تتحلى السيارات الأربع بتأدية جيدة لسيارات من هذا الحجم منها تسارع الى 100 كلم/س إنطلاقاً من الصفر ـ مع كل من تاهو ويوكون ـ في حوالي 7 ثواني تتدنى بمعدل ثانية تقريباً مع يوكون دينالي الذي قررت جنرال موتورز توفيره حصرياً بمحرك إبنة العم كاديلاك إسكالايد الذي يعتمد بدوره على مبدأ محركات V8 ولكن بسعة 6.2 ليتر يمكن معها الحصول على 420 حصاناً مع 624 نيوتن متر من عزم الدوران الذي يمكن المرء من الإحساس بالفارق بين المحركين اللذين يعتمدان على علبة تروس أوتوماتيكية سداسية النسب طراز هايدراماتيك التي سبق لها أن أثبتت جدارتها عدة مرات في عدد من سيارات الشركة. أما سابربان ويوكون XL، فيحتاج كل منهما حوالي 7.5 ثانية لإتمام تسارعه الى 100 كلم/س.
وبنهاية التجربة السريعة لسيارات جنرال موتورز الخمس، يمكن القول أن ما ناله الجيل الجديد من هذه السيارات هو تماماً ما كنا نتوقعه منها. فقد تحولت من شاحنات ـ بالمعنى السلبي لهذه الكلمة ـ خفيفة الى سيارات رياضية متعددة الإستعمال تتمتع برحابة مذهلة في الداخل وبتصميم معاصر من الخارج تم تعزيزه بعدد كبير من التجهيزات المتطورة وعوامل السلامة المتفوقة أبرزها كيس هواء أمامي وسطي يأخذ لنفسه مكاناً بين المقعدين الأماميين ويتوفر لأول مرة في العالم. ومع هذا الخليط، تتوقع جنرال موتورز أن تحقق سياراتها هذه نتائج متقدمة في الأسواق الخليجية حيث ستتوفر تاهو بسعر يراوح بين 157000 درهم وصولاً الى 232000 درهم مقابل 175000 الى 270000 درهم لإبنة العم يوكون و166000 الى 242000 لـ سابربان.