جيب شيروكي جديدة بكل ما للكلمة من معنى
مواصفات السيارة
- سعة المحرك: 2.4 I4 FWD/4WD
- عدد الأحصنة: 184 حصان
- التسارع من 0- 100: 9.0-10.0 ثانية
- السرعة القصوى: 184* كلم/س
ما أن ترى جيب شيروكي الجديدة كلياً على أرض الواقع حتى تبدأ بالتساؤل عن ما الذي تريده جيب من هذه السيارة التي وصلت اليوم الى جيلها الخامس ولكن بعد تبدلت معالمها بشكل كلي وبحيث لا يمت شكلها بأي صلة الى الجيل الأسبق الرابع مع العلم أن هذا الأخير لا يمت بدوره بأي صلة الى الجيل الثالث الذي لا علاقة تصميمية بينه وبين الجيل الذي سبقه و.. ومع ذلك، يمكن القول أن القاسم المشترك بين طرازات شيروكي بأجيالها الأربعة يتمثل بكونها سيارة دفع رباعي حقيقية يمكنها الوصول الى أكثر الأماكن وعورة في العالم وهذا ما حافظت عليه هذه السيارة منذ إطلاق جيلها الأول عام 1974 ولغاية توقف إنتاج الجيل الرابع منها الذي بدأ إنتاجه عام 2007 وإستمر لغاية العام 2013.
ومع وصولها الى جيلها الخامس، إستمرت شيروكي في مسيرة التغيير التصميمي الجذري وأضافت الى ذلك تخليها عن التصميم الصندوفي القاسي لصالح تصميم مستقبلي يقوم على الزوايا الدائرية والمساحات الملساء المعززة بتفاصيل تصميمية تبدو ـ على الأقل بالنسبة لي ـ وكأنها إيطالية المنشأ. فالمصابيح الأمامية العلوية الرقيقة التي تجعل شيروكي الجديدة تبدو وكأنها قادمة من زمن مستقبلي، تبدو وكأنها مستوحاة من طرازات تسعينات القرن الماضي من فيات برافو / برافا، في وقت شعرت ولسبب لم أتمكن من لمسه أن من رسم الواجهة الأمامية لـ شيروكي الجديد إنطلق من تصميم واجهة فيات مولتيبلا الأمامية. وعلى الرغم من أن وضع سيارتي فيات هاتين جنباً الى جنب مع شيروكي الجديد يؤكد أن الفارق التصميمي بين السيارات الثلاث كبير جداً إن لم أقل أنه هائل، إلا أنني لم أتمكن من إبعاد شكل برافو / برافا ومولتيبلا عن تفكيري كلما نظرت الى الواجهة الأمامية لـ شيروكي، خصوصاً أنني حاولت عدة مرات أن أستبدل ـ وبتفكيري ـ الواجهة الشبكية الأمامية التي تقوم كما العادة لدى جيب على سبع فتحات عمودية بواحدة عادية وهذا ما جعلني أتأكد أن هذه السيارة تفتقد الى هوية جيب الشهيرة.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
أما من الخلف، فتشعرك النظرة الأولى أن الواجهة الخلفية تعود الى كيا سبورتدج وذلك بسبب تصميم المصابيح الخلفية، في وقت نالت الجوانب تصميماً رياضياً تم تعزيزه من خلال خط كتف يرتفع الى الى الأعلى كلما إتجه الى الخلف. ومع ذلك، فـ شيروكي الجديدة تتمتع من الجوانب بتناسق هندسي بين مساحاتها الزجاجية وأسطحها المعدنية وهذا ما يوفر لها حضوراً مميزاً ويعزز إستقلالية شخصيتها ويمكنها من التميز بين منافساتها اللواتي تفيد جيب أنهن ينحصرن بكل من فورد إدج وهوندا CR-V في وقت أعتقد شخصياً أن المنافسات الرئيسيات لـ شيروكي هن: تويوتا راف 4 وفورد إسكايب وهيونداي توسان وذلك في حال كان معيار المقارنة يركز على بشكل أساسي على الحجمين الخارجي والداخلي.
وفي مواجهة عمليتي “التنحيف” و”التنعيم” اللتين تسيطران على شيروكي الجديدة، لا بد من الإشارة الى أن هذه الأخيرة تخلت عن مبدأ السيارة التي تعتمد على شاسي بشكل السلم الأفقي الذي يتم تركيب الهيكل عليه لصالح هيكل أحادي مماثل لذلك المعتمد في سيارات الكروس أوفر وسيارات الركاب السياحية. فـ تحت الهيكل الناعم، هناك نسخة معدلة ومقواة من شاسي مشترك بين كرايسلر وفيات يحمل تسمية CUSW، أو هندسة كرايسلر المدمجة والمخصصة للولايات المتحدة الأميركية المماثلة للهندسة المعتمدة لإبنة العم دودج دارت. وتقف هذه القاعدة على تعليق يعتمد في الأمام على قوائم ماكفرسون الإنضغاطية التي يقابلها في الخلف تقنية الوصلات المتعددة. أما السبب في إعتماد قاعدة هي نسخة مطورة ومقواة من قاعدة سيارة سياحية، فيعود الى محاولة السيطرة على الوزن الإجمالي للسيارة وبالتالي التحكم بمستويات الإستهلاك. وهنا، لا بد من الإشارة الى أن قرار جيب بإعتماد تصميم متطور وبعيد عن الزوايا القاسية والأسطح الصندوقية لم يكن بهدف توفير تصميم ناعم يستقطب شرائح جديدة من المستهلكين وحسب، بل لأن هذا النوع من التصاميم يمكن السيارة من إختراق الهواء على السرعات العالية بسهولة أكبر، الأمر الذي ينعكس من ناحية على الإستهلاك وبالتالي على نسبة الإصدارات المضرة بالبيئة وبالأخص بالنسبة للسائقين اللذين ينتقلون يومياً بين منازلهم وأعمالهم عبر الطرقات السريعة ويعمل من ناحية أخرى على تعزيز العزل الصوتي عبر خفضه لمستويات ضجيج الهواء وتلاعبه حول السيارة وهذا واحد من الأسباب التي مكنت جيب من تزويد شيروكي بمقصورة معزولة بشكل ممتاز عن الخارج. ومع طوله الذي يراوح في حدود 462 سم، يمكن القول أن شيروكي الجديد سيأخذ لنفسه مكاناً بين السيارات الرياضية المتعددة الإستعمال المدمجة وتلك المتوسطة، الأمر الذي سيمكنه من إستقطاب قسم لا بأس به من زبائن القطاعين المذكورين، خصوصاً في ظل السياسة التسعيرية التنافسية التي بدأت مجموعة كرايسلر بإعتمادها منذ عدة سنوات. وفي هذا الإطار، سيبدأ بيع شيروكي الجديدة بسعر يراوح بين 27250 دولار لطراز القاعدة و41000 دولار لطراز القمة مع كافة التجهيزات المتوفرة له في دول مجلس التعاون الخليجي.
وفي إطار الكلام عن السعر، تتوجب الإشارة الى أن شيروكي سيتوفر بخيار بين محركين إثنين يتألف الأول منهما وهو مخصص لطرازات القاعدة، من 4 أسطوانات متتالية سعة 2.4 ليتر ينتمي الى نادي محركات MultiAir2 ويمكنه أن يولد 184 حصاناً تترافق مع 232 نيوتن متر من عزم الدوران. أما محرك القمة الذي كان متوفراً في سيارات تجربتنا، فينفرد بقدرته على توليد 271 حصان و324 نيوتن متر من عزم الدوران الناتج عن إحتراق الوقود في داخل المحرك الذي يحمل شعار محركات بنتاستار. ويعتبر هذا المحرك الذي تبلغ سعته 3.2 ليتر تم توزيعها على 6 أسطوانات بشكل V بمثابة نسخة من محرك بنتاستار 3.6 ليتر الذي سبق له أن أثبت جدارته التشغيلية في عدد من سيارات مجموعة كرايسلر والذي تم ربطه مع شيروكي الجديدة وبشكل حصري الى علبة تروس أوتوماتيكية جديدة كلياً تعمل من خلال 9 نسب أمامية متزامنة تساهم بسبب قصر النسب الدنيا منها وطول النسب العليا في خفض مستويات إستهلاك شيروكي من الوقود. كذلك تساهم هذه العلبة في تمكين شيروكي من جر مقطورات بأوزان مرتفعة (في قطاعها) تصل الى حوالي 2040 كيلوغراماً مع شيروكي المندفع بمحرك الأسطوانات الست. وتنتقل قوى محركي شيروكي بإتجاه العجلات الأمامية خلال ظروف القيادة العادية وليبدأ نقل القوة الى عجلتي المحور الخلفي بمجرد بدء إنزلاق المحور الأمامي. وهنا، جرى تزويد شيروكي بمحور خلفي منفصل عن المحور الوسطي الذي يمكنه إيصال قوة الدفع الى المحورين الأمامي والخلفي من دون أن يشعر السائق بذلك. ويتوفر شيروكي بثلاثة برامج دفع تبدأ ببرنامج “أكتيف درايف I” الذي يعتمد على علبة تحويل مفتوحة وقابض فاصل زلق ومتغير النسبة يقوم بنقل قوة الدفع الى عجلتي المحور الخلفي عندما تستدعي الحاجة. أما برنامج “أكتيف درايف II”، فيمكن معه التحكم بمدى العزم بين الأمام والخلف ويشمل أيضاً برنامج دفع رباعي بنسبة منخفضة يمكن معها قفل المحورين الأمامي والخلفي لزيادة القدرات التماسكية، في وقت يزيد البرنامج الثالث الذي يحمل تسمية “أكتيف درايف لوك” عن ما سبق ذكره، قفلاً كلياً للترس التفاضلي الخلفي ويتوفر قياسياً مع نسخ ترايل هوك. كذلك يتوفر شيروكي مع نظام سيليك تراين المأخوذ من الشقيق الأكبر، غراند شيروكي. وفي هذا الإطار أيضاً، يذكر أن إعتماد برنامج سبورت للقيادة يعدل طريقة عمل علبة التروس ويمكنها من حجز النسب لوقت أطول كما يعمل على تفعيل نظام الدفع الرباعي بحيث تقوم إلكترونيات شيروكي بنقل 60 بالمئة من قوة الدفع بإتجاه عجلتي المحور الخلفي مقابل 40 بالمئة الى العجلتين الأماميتين. ومن ناحية أخرى، قررت جيب أن تزود شيروكي الجديد بمقود ذو مساعدة كهربائية أكدت تجربتنا له أنه يوفر شعوراً جيداً بالطريق ويتميز بقدرات توجيهية متقدمة تساهم الى جانب هندسة التعليق في تحلي شيروكي بإنقيادية تركز على الراحة والتماسك معاً وهذا ما يمكنه من أن يكون السيارة اليومية للعديد من المستهلكين.
ولأن هذه السيارة تحمل تسمية جيب، كان الإنتقال بها الى الدروب الصخرية القاسية وتلك الرملية الناعمة أمراً لا بد منه حيث أثبتت أنها لم تفقد أي من قدراتها. فعلى المسالك الوعرة والقاسية، يكفي الإعتماد على برنامج Rock أو الصخر كي تقوم إلكترونيات شيروكي بتعديل طريقة عمل عدد كبير من مكونات السيارة ومنها طريقة وصول العزم الى الإطارات الأربعة وهذا ما يمكن شيروكي من عبور أكثر العوائق صعوبة، في وقت يمكن تفعيل نظام التسلق الإلكتروني الذي يعمل على دفع شيروكي فوق الصخور بطريقة آمنة وسهلة لن تتطلب منك كسائق سوى التحكم بوضعية المقود. وفيما يمكن إعتماد برنامج Snow أو الثلوج للطرقات المكسوة بالثلوج والجليد، تتطلب القيادة على الدروب الرملية الناعمة الإنتقال الى برنامج Sand & Mud، أي الرمال والوحول ولكن بعد وضع مقبض علبة التروس على الوضعية N وليقوم شيروكي بتعديل معايير عمله لتتناسب مع الرمال والوحول على أنواعها،. وحينها، تعبر شيروكي المساحات الرملية مهما كانت درجة نعومتها بسهولة بالغة تمكنها أيضاً من تسلق الكثبان الرملية المعتدلة لجهة طولها ودرجة ميلانها. أما الكثبان الشديدة الإنحدار والطويلة، فتتطلب محركات أكبر وأقوى من محرك الـ 3.2 ليتر. وهنا، لا يمكنني إلا أن أتوقف عند قاعدة شيروكي التي تندفع في ظروف القيادة العادية بالعجلتين الأماميتين، الأمر الذي يتطلب من الهيكل أن يتحلى بمقدمة طويلة نسبياً ينتج عنها لوحة قيادة طويلة أيضاً وهذا ما ينعكس بشكل سلبي “نسبياً” على مجالات الرؤية الأمامية عند القيادة على الدروب والمسالك غير المعبدة وبالأخص تلك غير المستوية منها.
أما مفاجأة شيروكي الكبرى، فتظهر عند إعتماده للقيادة على الطرقات المعبدة. ففي وقت كان الجيل الحالي من شيروكي مميزاً بقساوته التي كانت تفسد إنقيادته وتمنعه من أن يكون السيارة المدينية اليومية، ينفرد شيروكي الجديد بإنقيادية أقل ما يمكن قوله فيها هو أنها تعود الى سيارة سيدان. فهي تشدد على توفير راحة قصوى للركاب ومن دون التضحية بمستويات التماسك. أما العزل الصوتي، فهو ممتاز ويتوجب تهنئة جيب عليه، خصوصاً أنني قدت شيروكي ترايل هوك لمسافات طويلة على سرعات راوحت في حدود 140 كلم/س ولم أتمكن من الإحساس بضجيج الهواء أبداً، في وقت لم يظهر ضجيج الإطارات إلا على الطرقات ذات التعبيد الخشن. أما ضجيج المحرك، فتكاد لا تسمعه إلا عند ضغط دواسة التسارع الى حدودها القصوى وإعتماد نسب دنيا لعلبة التروس. أما في حالات القيادة العادية، فهدير المحرك مكتوم بشكل شبه كلي. كيف لا وشيروكي V6 قادر على السير بسرعة 100 كلم/س معتمداً النسبة التاسعة من علبة التروس فيما لا يتجاوز دوران محركه حدود الـ 1600 دورة في الدقيقة. وهنا لا بد من الإشارة الى برنامج تشغيل علبة التروس بالإعتماد على معيار Auto للقيادة يؤدي بعلبة التروس الى التبديل صعوداً كلما سنحت لها الفرصة، الأمر الذي يفقد شيروكي بعضاً من عزمه، خصوصاً أن العلبة تشعرك في بعض الأحيان أنها مترددة في إختيار النسبة المناسبة لأسلوب قيادتك. حينها، إعتمد برنامج Sport وسيختفي حوالي 90 بالمئة من هذه “المشكلة” في ظل إزدياد حدة تجاوب دواسة الوقود مع متطلباتك.
في الداخل، تبدو المقصورة وكأنها تعود الى سيارة مترفة أكثر منها لسيارة دفع رباعي، خصوصاً أن جيب ركزت على إختيار مواد ذات جودة ووفرت تصميماً داخلياً بعيداً عن التعقيد بهدف تسهيل إستعمال مكونات المقصورة ومنها لوحة قيادة تحتوي على شاشة TFT بقياس 7 إنشات في تجويف العدادات يقابلها شاشة بقياس 8.4 أنش لجهاز الملاحة تعمل عبر النسخة الأحدث من نظام Uconnect الذي يتحكم بعمل جهاز المعلوماتية والنظام الموسيقي ومكيف الهواء الإلكتروني والهاتف الخليوي وعدد من التطبيقات. ومن ناحية أخرى، يتميز شيروكي بمقصورة مريحة ورحبة نسبياً ويتوفر مع أماكن توضيب وفيرة وسهولة إستعمال عالية وقدرات تحميل جيدة يمكن مضاعفتها عبر تحريك المقعد الخلفي أفقياً الى الأمام أو طي ظهر هذا المقعد كلياً.
أخيراً، أعتقد أن محبي القيادة بعيداً عن الطرقات المعبدة سينتقدون شيروكي الجديد قائلين أنه خسر الكثير من مقوماته وأنه لم يعد يتمتع بالمكونات التي طالما إشتهرت بها جيب وأنه يعتمد على قاعدة من فيات و.. أما نحن، فنقول لهؤلاء أن رانغلر بكافة نسخه لا يزال موجوداً لتلبية رغباتكم وأنه في حال أبقت جيب على شيروكي كما في جيله الأسبق، فأنتم لن تعتمدوه وستفضلون رانغلر عليه. هذا بالإضافة الى أن شيروكي بنسخته الأحدث وبالأخص إذا كان من فئة ترايل هوك، يملك قدرات هائلة بعيداً عن الطرقات المعبدة قد لا تتوفر في أي سيارة أخرى تعتمد على مبدأ بناء سيارات الكروس أوفر. كما أنه يتميز بقدرة غريبة على التحول الى سيارة مدينية للإستعمال اليومي، سواء كان شخصياً أو عائلياً وهو متوفر بخيارات غنية من التجهيزات والإضافات وبسعر منافس جداً وهذا ما سيمكنه من إستقطاب شرائح جديدة من المستهلكين وبالتالي من تحقيق مبيعات متقدمة.