رابحـة عـلـى كافة الأصعدة
-
1 / 15
لم تكتفي F-150 بإيقاظ الحلم القديم في نفس حسان بشور، بل أكدت له أنها قادرة على تنفيذ الأعمال الشاقة ومن دون أن تتخلى عن أي من عوامل المدنية والرقي
لا أزال أذكر يوم كنت في الخامسة عشرة من عمري وأرسلني أهلي لزيارة أحد أقربائي الذي كان يقطن في مزرعة قرب مدينة ناشفيل في ولاية تنيسي الأميركية. وفي هذه المنطقة الوعرة بطبيعتها، لاحظت أن كماً كبيراً من السكان المحليين يقود شاحنات خفيفة كونها تخدمهم في حياتهم الزراعية اليومية، إضافةً الى أنها تلعب دور سيارة العائلة التي يمكن إستخدامها للتبضع ونقل الأولاد الى المدارس وغيرها. وما أن حصلت على شهادة القيادة وبمجرد أن زرت قريبي هذا مرة ثانية، قررت أنه لا بد لي من قيادة بعض الشاحنات الخفيفة وإختبار ما توفره لسائقها من أحاسيس. وعلى الرغم من أنني كنت لا أزال صغير السن حينها، إلا أنني أتذكر أنني صدمت من مدى القساوة التي تتحلى بها إنقيادية هذه الفئة من السيارات وذلك مع العلم أنها شكلت بالنسبة لي نواة حلم بإمتلاك واحدة يوماً ما، خصوصاً أن عدداً كبيراً من الشبان كانوا يقومون بتعديلها وتزويدها ومن ثم إعتمادها كسياراتهم اليومية.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
ومؤخراً وعلى أثر تلبيتي لدعوة المكتب الإقليمي لشركة فورد الأميركية للمشاركة في حدث يركز على شاحنات فورد الخفيفة، عاد هذا الحلم القديم للظهور مجدداً وبالأخص في ظل التغيير الجذري الذي طاول صناعة الشاحنات الخفيفة وسيارات الـ SUV خلال السنوات الثلاثين الماضية والذي تحولت معه الشاحنات الخفيفة وعلى رأسها الأميركية المنشأ ومنها فورد F-150 من مجرد شاحنات الى مركبات تتميز بقدرات متفوقة على الطرقات المعبدة والدروب الوعرة في آن، ناهيك عن إنقياديتها التي تؤهلها لتكون وسيلة نقل يومية مريحة حتى ولو كان الإنتقال بها لمسافات طويلة ووقت أطول.
ولأن تجربة شاحنة خفيفة ما قد يكون أمراً لا فائدة منه في حال لم تركز التجربة على إختبار الهدف من هذه الشاحنة، شعرت بنوع من السعادة لأنني كنت على وشك إخضاع مركبة لإختبار من نوع جديد يركز على قدراتها في ميدان الأعمال الشاقة. ولهذه التجربة، كانت شاحنة فورد F-150 موضوع التجربة التي تم تقسيمها الى ثلاثة إختبارات رئيسية تمثل أولها بقيادة هذه الشاحنة على الدروب الجبلية الوعرة المحيطة بمنطقة حتا الإماراتية الكائنة على الحدود مع سلطنة عمان والمشهورة بجبالها القاتمة اللون وطبيعتها الصخرية القاسية التي تشعر الناظر اليها أنها تكونت على أثر ثوران البراكين خلال العصور القديمة.
ولكن قبل البدء بسرد تفاصيل أختبارات F-150 التي خضعت لعملية إعادة تصميم طفيفة لعام 2012، لا بد من الإشارة الى أن هذه الشاحنة تتوفر في منطقة الشرق الأوسط بخيار بين ثلاثة محركات تبدأ بمحرك القاعدة الذي يعتمد تقنية V6 بسعة 3,7 ليتر. وقد تم تزويد هذا المحرك بعواميد كامة مزدوجة مع 24 صماماً إرتفعت معها قوته الى 302 حصاناً عند 6500 دورة في الدقيقة ولتترافق هذه القوة مع 377 نيوتن متر من عزم الدوران الذي يتوفر عند مستوى 4000 دورة في الدقيقة. ويمكن لـ F-150 المزودة بهذا المحرك الذي يتراوح إستهلاكه من الوقود بين 10,2 و13,8 ليتر لكل 100 كلم، أن يجر أوزان تصل الى 2767 كلغ.
أما المحرك الثاني، فينتمي الى نادي محركات V8 بسعة 5 ليترات وهو مزود أيضاً بنظام Ti-VCT للتحكم بتوقيت عمل الصمامات الـ 32 التي تتحكم بها عواميد كامة علوية مزدوجة. ويمكن لهذا المحرك أن يولد قوة 360 حصاناً يتم إستخراجها عند مستوى 5500 دورة في الدقيقة وبالتناغم مع عزم دوران تصل حدوده القصوى الى 515 نيوتن متر تتوفر عند مستوى 4250 دورة في الدقيقة. أما إستهلاكه من الوقود، فيتراوح بين 15,6 ليتر من الوقود لكل 100 كلم في المدن مقابل 11,2 ليتر لكل 100 كلم من الطرقات السريعة، في وقت يمكن لشاحنة F-150 التي تعتمد هذا المحرك أن تجر مقطورات بأوزان تصل الى 4536 كلغ.
وللسائقين المتطلبين الذين يسعون خلف التأدية بمختلف أنواعها، توفر فورد لشاحنتها هذه محركاً ثالثاً ينتمي الى عائلة محركات V8 ولكن بسعة 6,2 ليتر يعتمد على عمود كامة أحادي لتشغيل صماماته الـ 16 الموزعة بمعدل صمامين لكل أسطوانة. ويعتبر هذا المحرك الأفضل في فئته لجهة القوة الحصانية التي تصل لغاية 411 حصاناً تتوفر عند 5500 دورة في الدقيقة. وتترافق هذه القوة مع عزم دوران يبلغ 588,4 نيوتن متر يمكن إستخراج حدودها القصوى عند 4500 دورة في الدقيقة. أما إستهلاك هذا المحرك، فيتراوح بين 13,06 و18,1 ليتر لكل 100 كلم من الطرقات السريعة والمدينية على التوالي، في وقت تعلن فورد أن F-150 التي تعتمد هذا المحرك، قادرة على جر ما معدله 5125 كلغ من الوزن.
وتتشارك المحركات الثلاثة بعلبة التروس وهي من الفئة الأوتوماتيكية العاملة من خلال ست نسب أمامية متزامنة يمكن التحكم بنقلها يدوياً من خلال مفتاح (+ و -) جرى تثبيته في مقبض علبة التروس التي تساهم في نقل قوى المحرك الى العجلات الدافعة. وهنا، يمكن التحكم بإندفاع F-150 من خلال مفتاح ثبتته فورد في لوحة القيادة يحتوي على ثلاثة معايير هي 2H للدفع العادي عبر العجلتين الخلفيتين و4H للدفع الرباعي السريع و4L للدفع الرباعي البطئ الذي يتم إستخدامه عادةً في الأماكن الفائقة الوعورة التي تتطلب نقل كميات كبيرة العزم الى العجلات الأربع الدافعة وعلى حساب القوة.
ويقف F-150 على قاعدة سلمية تتميز بسماكتها وصلابتها العالية وقد تم ربطها الى تعليق أمامي يقوم على الأذرع الطويلة والقصيرة والمعززة بنوابض معدنية حلزونية وماصات صدمات وقضيب مقاوم للإنحناء والغوص. أما في الخلف، فلم تتخلى F-150 عن تعليق الشاحنات التقليدي الذي يعتمد علي مبدأ المحور الإلتوائي والنوابض الورقية، خصوصاً أن هذا التعليق معد في الأساس لنقل الحمولات والقطر. ومع ذلك، أثبتت قيادة F-150 على الدروب الوعرة المحيطة بمنطقة حتا أن التقوية التي نالها هذا التعليق مضافاً اليها المعايير المعتمدة لعمله مكنته من التحلي بإنقيادية متقدمة على الدروب الوعرة. ففي وقت كنت أتوقع أن يستمر F-150 بالقفز على الدروب الوعرة بسبب الوزن المتدني في الخلف، كانت المفاجأة أن التعليق الخلفي قادر على إمتصاص تعدد مستويات الطريق وخفض وصول تأثيراتها الى مقصورة الركاب بشكل كبير. وعلى الدروب الوعرة، كانت مفاجأة F-150 الثانية وتحديداً في طراز القاعدة المزود بمحرك V6 الذي أبدى ليونة تشغيلية عالية ساهم فيها الوصول التدريجي لقوة الدفع الى الإطارات وهذا ما مكنه من تسلق الممرات الوعرة بسهولة.
أما عند الإنتقال الى الطرقات المعبدة، فقد أبدى F-150 طواعية متقدمة وتجاوباً مستمراً مع تصرفات سائقه. كما أن وضعية الجلوس المرتفعة في مقصورته والتي عززتها فورد بمجالات رؤية متقدمة في كافة الإتجاهات، تمكن السائق من وضعه في المكان الذي يريده وبالأخص في الطرقات الضيقة ذات الإتجاهين. وفي سياق الكلام عن المقصورة، لا بد لي من الإشارة الى أنها ضخمة لجهة مساحاتها. فالمساحات المخصصة لركابها الخمس كبيرة جداً وتمكن خمسة ركاب من أصحاب القامات الطويلة من الإنتقال في داخلها لمسافات طويلة وبراحة شبه كلية. وفي هذا الإطار، نال F-150 لوحة قيادة تبدأ بتجويف عدادات كبير يعتمد عدادين كبيرين للسرعة ودوران المحرك يعلوهما أربعة عدادات صغيرة ويتوسطهما شاشة رقمية بقياس 4,2 إنش يمكن للسائق أن يراقب من خلالها مستويات الإستهلاك وقدرات الجر والقطر، بالإضافة الى عدد من المعلومات التي تتعلق بالقيادة على الطرقات الوعرة. أما الكونسول الوسطي، فيحتوي على مفاتيح التحكم بمكيف الهواء الفعال والنظام الموسيقي وينتهي بمقطع أفقي يحتوي على حاملين للأكواب وينتهي بمسند يد وسطي كبير يخفي تحته علبة توضيب كبيرة الحجم. وهنا لا بد من الإشارة الى أن مقصورة F-150 تحتوي على عدد كبير من حاملات الأكواب وأماكن التوضيب، مما يجعلها مثالية لأصحاب العائلات أيضاً. أما تعليقي الوحيد على هذه المقصورة المزودة بمجموعة مقاعد توفر مستويات راحة عالية جداً ومستويات تثبيت معتدلة، فيتمثل بلوحة القيادة وبطانات الأبواب والتي تعتمد على مقاطع كبيرة من البلاستيك الذي يشعر المرء أنه بحاجة الى بعض المراجعة.
وعلى صعيد آخر، كان لا بد من قيادة F-150 وإختباره ضمن واجبه الأول وهو نقل الحمولات. وهنا، قمت بقيادته بعد أن تحميل سريره الخلفي بحمولة راوح وزنها في حدود طن واحد قام F-150 بنقلها على الطرقات الجبلية في حتا. وعلى الرغم من أن الطريق كانت تتجه صعوداً، إلا أن الشعور بهذا الوزن كان منخفضاً جداً وذلك بفضل مجموعة F-150 الميكانيكية وعلى رأسها محركي V8 اللذين كانا متوفرين لهذا الإختبار. فهذان المحركان يتميزان بعزم دورانهما المرتفع الذي يمكن إستخراجه عند دوران منخفض نسبياً للمحرك. كما نسب علبة التروس المدروسة تمكن هذا المحرك من المحافظة على دوران متوسط الى مرتفع وهذا ما يؤدي الى شعور السائق أن F-150 يتميز بطواعية متقدمة تمكنه من ممارسة التجاوزات في الطرقات الملتوية والمتجهة صعوداً.
وبعد ذلك، قمت بتجربة عملية جر المقطورات الكبيرة على نفس الطريق ولكن على متن نسخ من F-150 جرى تزويدها بمجموعة القطر التي ترفع قدرات الجر. وفي هذا الإختبار، قمنا بجر عدة مقطورات كان أكبرها عبارة عن مقطورة لنقل سيارات السباقات تميزت بحجمها الكبير. وخلال هذا الإختبار، قمنا بربط الأسلاك الكهربائية بين F-150 والمقطورة والتي يمكن عبرها لجهاز التحكم بالتماسك أن يسيطر على تصرفات المقطورة الخلفية كأن يمكنها من الكبح عندما يقوم سائق F-150 بإستعمال المكابح. وعلى الطريق الجبلية، لم يتوجب علينا إلا أن نقود كما لو لم يكن هناك أي مقطورة خلفية ذلك أن نظام القطر (Tow/Haul) يعمل وبمجرد تفعيله على إبقاء نسب علبة التروس ضمن النسب الدنيا وهذا ما يساهم في المحافظة على نمط تسارعي متقدم وبالأخص في الطرقات الملتوية التي تتجه صعوداً.
بإختصار وبغض النظر عن المحرك المتوفر لـ F-150، يمكن القول أن هذه الشاحنة لا تكتفي بقدرتها على عكس صورة رجولية عن سائقها وحسب، بل تتمتع بقدرات متقدمة فيما يتعلق بتنفيذها للأعمال الشاقة وذلك من دون المساومة على صعد الإنقيادية الناعمة والمقصورة الهادئة والرحبة. ومع إنجاز F-150 المتمثل بتحقيقه لأفضل المبيعات في الولايات المتحدة الأميركية على مدى الأعوام الـ 35 الأخيرة، لا شك أنه يملك من الإمكانات ما سيمكنه من تكرار إنجازه في منطقتنا، إلا أنه يبقى أمام فورد الشرق الأوسط مهمة واحدة هي مباشرتها بالعمل على توعية المستهلك في المنطقة حول هذا القطاع من المركبات التي يمكنها أن تكون ـ وبكل سهولة ـ سيارتك اليومية.
«خلال السنوات الـ 30 الماضية، تحولت الشاحنات الخفيفة الى مركبات ذات إنقيادية متقدمة ومعززة بقدرات متفوقة على الطرقات المعبدة والدروب الوعرة في آن»
«تتوفر F-150 الجديدة
بخيار بين ثلاثة محركات تتراوح قواتها بين 302 و411 حصاناً تنتقل الى الطريق
عبر علبة تروس
أوتوماتيكية
سداسية
النسب»
«أدخل الى مقصورة F-150 وستشعر أن المساحات المحيطة بك كبيرة جداً. إنتقل الى الخلف وسيتهيء لك أنك جالس في غرفة جلوس من الحجم الكبير»
«أثبتت قيادة F-150 على
الدروب الوعرة المحيطة بمنطقة حتا أن التقوية التي نالها هذا التعليق مضافاً اليها المعايير المعتمدة لعمله مكنته من التحلي بإنقيادية متقدمة على الدروب الوعرة»
المواصفات
فورد F-150
الأرقام
4,4 ليتر، V6، دفع خلفي / رباعي، 302 حصان، 377 نيوتن متر، قادر على قطر 2767 كلغ
5,0 ليتر، V8، دفع خلفي / رباعي، 360 حصان، 515 نيوتن متر، قادر على قطر 4536 كلغ
6,2 ليتر، V8، دفع خلفي / رباعي، 411 حصان، 588,4 نيوتن متر، قادر على قطر 5125 كلغ