رولس رويس رايث الشبح الثالث
-
1 / 17
تشكل رولس رويس رايث الإضافة الأخيرة الى مجموعة سيارات رولس رويس وهي واحدة من السيارات التي لا يمكن للمرء إغفالها مهما كان توجهه في عالم صناعة السيارات
في وقت تعتمد معظم شركات صناعة السيارات على توفير مجموعات متكاملة من الطرازات التي تغطي كافة القطاعات الموجودة في الأسواق بهدف زيادة المبيعات، تقوم مجموعة بي ام دبليو بإعتماد مبدأ آخر لزيادة المبيعات يتمثل بمراقبة الأسواق وإقامة الدراسات التسويقية ومن ثم إبتكار قطاعات وفئات جديدة من السيارات. ولعل خير برهان على هذا الكلام يتمثل بطرازات X6 و5GT و6 غران كوبيه و3GT التي لاقى معظمها رواجاً عالياً في مختلف الأسواق العالمية. ولأن هذه المجموعة تملك شركة ميني أيضاً، قررت إدارة الشركة أن تطبق مبدأ القطاعات الجديدة على ميني التي باتت اليوم تتوفر بخيارات غنية من الطرازات التي تبدأ من المكشوفة المخصصة لراكبين كحد أقصى وتنتهي بواحدة من فئة الكروس أوفر الصغيرة التي تتوفر بفئتي الأبواب الخماسية أو الثلاثية، الأمر الذي بالتالي الى نجاح خطة ميني وإرتفاع مبيعاتها.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
ومع شركتها الثالثة التي تعنى بكل ما يرتبط بأقصى مستويات الترف والفخامة والتفرد والتميز، أي رولس رويس البريطانية، بدأت فكرة إبتكار قطاعات جديدة من السيارات الفائقة الترف بدغدغة مخيلة القيمين على رولس رويس التي يضم إنتاجها اليوم طراز فانتوم الذي يتوفر بفئات الأبواب الرباعية، الكوبيه ودروبهيد المكشوفة، بالإضافة الى طراز غوست الذي ينتمي الى نادي سيارات السيدان السوبر مترفة والذي يتوفر بخيار قياسي وآخر ذو قاعدة عجلات طويلة (EWB).
ولإطلاق طراز جديد ينتمي الى قطاع جديد من السيارات المترفة جداً، كان بإمكان رولس رويس أن تذهب في الإتجاه الذي يعتمده الجميع كأن تطلق سيارة من فئة الـ SUV ولكنها قررت أن من يتمتع منذ بدايات عهده بالتفرد والتميز لا يمكنه أن يسلك الطريق التي يعتمدها الجميع. ومن هنا وبعد سلسلة من الدراسات المطولة، وقع الخيار على فئة جديدة كلياً من السيارات إستمدتها رولس رويس من تاريخها وتحديداً من تصاميم بعض سياراتها التي كانت معتمدة خلال العقدين الثاني والثالث من القرن الماضي ومنها على سبيل المثال طراز فانتوم I الذي ظهر عام 1925 وهي تصاميم يطلق عليها مجتمع عالم صناعة السيارات اليوم تسمية «فئة الفاستباك»، أي الهاتشباك ذات الخطوط الخلفية الشديدة الإنحناء مع خط قصير جداً لصندوق الأمتعة.
ولهذه الفاستباك التي تقرر أن تحمل تسمية «رايث» وهي إحدى المفردات الإنكليزية التي تعني الشبح، كان القرار بالإعتماد على قاعدة الشقيقة غوست ولكن بعد إخضاعها لبعض التعديلات التي شملت تقصير طولها الإجمالي بمعدل 18,3 سم وزيادة طول محورها الخلفي بمعدل 2,3 سم، بالإضافة الى العمل على معايير التعليق والمحرك اللذان سنتناولهما لاحقاً على أن نركز الآن على التصميم الخارجي الذي يعتمد واجهة أمامية مماثلة لتلك المتوفرة للشقيقة غوست ولكن بعد تعديل تصميم الواجهة الشبكية الأمامية التي باتت مع رايث متراجعة الى الخلف بمعدل 4,5 سم ومعززة بعاكس هواء أمامي مدمج يرفع الإحساس بالطابع الرياضي نسبياً ويعمل من ناحية أخرى على التحكم بطريقة مرور الهواء حول أسفل المقدمة رافعاً بالتالي من إنسيابية الواجهة الأمامية وقدراتها على إختراق الهواء على السرعات العالية.
أما في الجوانب حيث تم الإستغناء عن العمود B الذي يلي الباب الأمامي، فتحمل رايث معظم المعالم التصميمية لسيارات رولس رويس الحديثة ولكنها تنفرد عن هذه السيارة بخط سقفها المقوس نسبياً والذي ينحني نزولاً كلما إتجه الى الخلف معتمداً على عمود خلفي حامل للزجاج الخلفي هو من أطول العواميد C المتوفرة في عالم صناعة السيارات منذ طراز العام 1966 من دودج تشارجر. ويلتقي خط السقف في الخلف مع الواجهة الخلفية للسيارة موفراً إحساساً بأن التصميم الجانبي العام إنطلق من شكل نقطة الماء المتساقطة التي تعتبر من أكثر الأشكال إنسيابية في العالم. وهنا، كان دور قسمي التصميم والهندسة مميزاً إذ تم مع التصميم الجانبي التركيز على المساحات الملساء والناعمة التي لا يعكر صفوها شئ بإستثناء بعض التفاصيل التصميمية الصغيرة التي يطغى عليها الكروم غير اللماع والتي يبرز فيها خط الوسط الذي يتميز بنفوره في الخلف حيث يفترض به أن يولد عند إرتفاع السرعة مستويات عالية من الضغط السفلي الذي يعمل على زيادة ثبات القسم الخلفي من رايث الذي ما أن يراه المرء حتى يشعر أنه ينتمي الى نادي سيارات رولس رويس.
ومن جهة أخرى ولأن رايث مصممة لتكون عبارة عن سيارة تنتمي الي نادي السيارات السياحية الكبرى (GT) مع تركيز على حاجات السائق، قامت رولس رويس بإخضاع المحرك الذي يتألف من 12 أسطوانة بشكل V سعة 6,6 ليتر مع توربو مزدوج الذي يتوفر للشقيقة غوست والمستعار أصلاً من مجموعة محركات بي ام دبليو، الى مجموعة من التعديلات التي رفعت قوته الى 624 حصاناً وعزم دورانه الى 800 نيوتن متر يبدأ توفرها عند مستوى 1500 دورة في الدقيقة وذلك من دون المساس بعلبة التروس الأوتوماتيكية ذات النسب الأمامية الثماني. ومع هذه التعديلات، تعلن رولس رويس أن رايث قادرة على الرغم من وزنها الذي يراوح في حدود 2360 كيلوغراماً، من التسارع من حالة الوقوف التام الى سرعة 100 كلم/س في غضون 4,6 ثانية يمكنها بعدها أن تصل الى سرعتها القصوى المحددة إلكترونياً بـ 250 كلم/س.
وفي هذا السياق، يساهم المحور الخلفي الذي تمت زيادة عرضه وبالتعاون مع قاعدة العجلات التي تم خفض طولها الإجمالي، إضافةً الى السقف المنخفض في رفع تأدية هذه السيارة التي تعلن شركتها أنها الأقوى على الإطلاق في تاريخ رولس رويس. وقد تم ضبط معايير نظام التعليق بهدف خفض إنتقالات الوزن بين جوانب رايث الى أقل حد ممكن مع تضخيم الاستجابة عند المنعطفات، فيما تمت برمجة جهاز المقود ليزداد ثقله كلما إرتفعت السرعة وليتدنى هذا الثقل متحولاً الى ليونة عالية عند تدني السرعة، مما يعزز حيوية القيادة. ومع ذلك، فـ رايث لسيت سيارة غراند توريزمو خشنة، ذلك أن هذه السيارة تسير في نهج شركتها لجهة تجربة القيادة والإنتقال التي لا بد أن تركز على أقصى مستويات الراحة والترف والفخامة.
وعلى الرغم من أن رايث تعتمد على مكونات عديدة من غوست، إلا أن مجرد الدخول الى مقصورة هذه السيارة يوحي للمرء أن هذه المقصورة تنتمي الى عالم الشقيقة الأكبر فانتوم. فنوعية المواد المستعملة مماثلة بفخامتها وترفها لتلك التي نجدها عادة في فانتوم وبالأخص لجهة الجلود الفاخرة التي تم تعزيزها بمقاطع من أخشاب «كناديل» الخاصة التي تعود تسميتها الى خليج صغير يقع في جنوب فرنسا إعتاد السير هنري رويس وفرق التصميم والهندسة العاملة معه على قضاء فصول الشتاء فيه والتي طاولت عدة أماكن منها بطانات الأبواب. وفي الداخل أيضاً، توفر رولس رويس تبطين السقف المزود بـ 1340 من الألياف البصرية التي تبدو في الليل وكأنها سماء مشعة بالنجوم. كذلك تنفرد رايث بمقود يتميز بسماكة إطاره في إشارة الى الطابع المائل الى الرياضي لهذه السيارة التي إعتمدت أيضاً على نظام إنارة داخلية ليلية للمقصورة تتماشى مع روح التصميم الخارجي المستوحى من فترة الثلاثينات. ومن جهة أخرى، زودت المنطقة السفلية من العواميد A الحاملة للزجاج الأمامي بمفاتيح مهمتها إغلاق بابي السيارة الكبيرين اللذين يفتحان الى الخلف وذلك لزيادة راحة الجالسين في الأمام.
ولأن رولس رويس لن تقبل يوماً بإنتاج سيارة عادية، كان لا بد من توفير رايث مع مجموعة كبيرة جداً من التجهيزات التي يعتبر جهاز نقل الحركة العامل بالتعاون مع الأقمار الإصطناعية الذي يستعمل البيانات الواردة من نظام تحديد المواقع الذي يحصل على معلوماته المباشرة والدقيقة من الأقمار الإصطناعية، الأمر الذي يمكنه من رؤية أبعد مما يرى السائق وهذا ما يمكنه بالتالي من توقع الحركة التالية للسيارة استناداً الى موقع السيارة وطريقة سائقها بقيادتها وليقوم بعدها بالتنسيق مع علبة التروس لإختيار النسبة الأكثر تناسباً معنوعية الطريق المقبلة، سواء كانت تحتوي على منعطفات أو تقاطعات طرق أو حتى دوارات وهذا ما يضع رايث في حالة جهوزية تامة ودائمة لتقديم الأداء الاستثنائي الموعود.
وتشمل التحسينات على التقنيات الميكانيكية والكهربائية التي نالتها رايث، نظام عرض البيانات على الزجاج الأمامي والأنوار الأمامية المتكيفة وتقنية فتح صندوق السيارة بلا مفتاح. أما التحسينات التي أُدخلت على تقنيات الاتصال، فقد إرتقت بواجهة الربط بين الإنسان والأجهزة الى مستوى غير مسبوق من التطور مقدمة حزمة من المساعدات التي تشعر السائق وكأن هناك إنساناً آخراً موجوداً في السيارة لتقديم المساعدة بأسلوب عصري ومبتكر. وتأتي الأوامر الصوتية ـ على سبيل المثال ـ بلمسة واحدة لمفتاح في المقود يكفي بعدها أن يعطي السائق أمره صوتياً لجهاز الملاحة ليقوم هذا الأخير بتعديل عمله تبعاً للأمر الذي تلقاه شفهياً. أما بعض الأوامر الأخرى، فيتم تفعيلها من خلال مفتاح زجاجي دائري في الكونسول الوسطي مماثل لمفتاح iDrive في سيارات بي ام دبليو يمكن معه التنقل بين الوظائف على الشاشة باستخدام لوح خاص يمكن رسم الحروف عليه باليد بدل التدرج في قوائم الحروف على الشاشة التي يبلغ قياسها 10,25 إنش، للإختيار من بينها. ومن خلال هذه الشاشة، يمكن أيضاً التحكم بالنظام الموسيقي العامل من خلال 18 مكبر صوت موزعة في المقصورة وصندوق الأمتعة حيث يوجد مكبرين للتردادات المنخفضة.
ومع إعلان رولس رويس بأن سعر رايث الجديدة في أوروبا سيراوح في حدود 390 ألف جنيه دولار وأن بدء تسليم الدفعة الأولى من رايث الى العملاء ،سيتم خلال الربع الأخير من العام الجاري، يشير البعض الى أن رايث هي الرد الطبيعي لـ رولس رويس على بنتلي كونتيننتال GT سبيد. أما نحن، فنعتقد أن السيارتان لا تتقاربان من بعضهما البعض إلا من خلال جنسيتيهما البريطانيتين وقلبيهما الألمانيين، خصوصاً أن الفارق بينهما يراوح في حدود.. 100 ألف دولار.
المواصفات