كيف تستضيف سباق فورمولا 1؟
إنفاق الملايين للبروز على الخريطة العالمية
الفورمولا 1 هي رياضة تجذبك لأن تكون جزءاً منها. لكن تنظيم سباق للفئة الملكة من الصفر هو تحدٍ من الطراز الأول على الصعيدين الاقتصادي واللوجيستي.
كرياضة سنوية يتضمن موسمها 20 جولة في العام الواحد، لا يمكن مقارنة شعبيتها وحضورها بأي نوع آخر من الرياضات، لذا نرى أن هناك تنافس بين بلدان عديدة للانضمام إلى روزنامة السباقات الأقوى في العالم.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
لا شك أن فكرة استضافة جائزة كبرى ليست وليدة الساعة. بل تتطلب تخطيطاً دقيقاً، تعاون وثيق لمختلف المنظمات الحكومية وغير الحكومية، وأموال طائلة.
جائزة أذربيجان الكبرى، التي عُرفت كجائزة أوروبا الكبرى العام الماضي، هي آخر من انضم إلى برنامج البطولة، وبكل بساطة تطلب العمل على توقيع عقد استضافة سباق فورمولا 1 عام كامل من العمل المتواصل.
جاءت الفكرة الأولية أواخر عام 2013، واستضافت باكو سباق فورمولا 1 للمرة الأولى العام الماضي. مثل أية سباقات أخرى، طرحت الحكومة المحلية هذه الفكرة لوضع البلاد على الخارطة العالمية.
وبهذا الصدد يقول الرئيس التنفيذي لحلبة مدينة باكو عارف رحيموف: "أجروا تقييماً معمّقاً لما يمكنهم القيام به لتنشيط الاقتصاد ودعم السياحة والترويج للبلاد ونشر اسمها في جميع أقطاب العالم. ومع طرح خيارات متعددة، حاولوا البحث بالأفكار التي تم تطبيقها حول العالم لتحقيق هذه الأهداف. أجروا حساباتهم وقرروا أن هذا هو الاتجاه الذي يريدون سلوكه".
تصميم الحلبة
ما أن تم التأكيد على الحدث وتخصيص الميزانيات اللازمة له، بمزيج من الدعم الحكومي وبعض الجهات الخاصة في باكو، كان تحديد مكان إنشاء الحلبة التحدي الأكبر.
ويتابع السيد رحيموف: "من ناحية البناء بدأنا العمل مع هيرمان [تيلكي. الألماني مصمم حلبات الفورمولا 1] قبل توقيع العقد. واحد من الأسباب التي دفعتا لذلك هو أنه عندما توقّع عقداً مع الفورمولا 1، عليك أن تعطيهم أفكاراً عما تريد القيام به من ناحية الحلبة. لذا كانت لدينا المسودة الأولية للحلبة ربما قبل نصف عام تقريباً من توقيع العقد".
يُعرف هيرمان تيلكي بأنه الرجل الذي أشرف على تصميم جميع الحلبات التي انضمت إلى روزنامة البطولة في الألفية الجديدة، حيث صمم حلبات شوارع إضافة إلى حلبات دائمة مثل حلبة البحرين الدولية وحلبة أوستن الأميركية وحلبة مرسى ياس في أبوظبي والكثير غيرها...
توسّع دور تيلكي من تصميم الحلبات إلى تصميم المنشآت والتسهيلات المحيطة بالحلبة، مثل موقع منطقة الحظائر ومكاتب الإداريين والمقر الإعلامي والمركز الطبي وصولاً إلى أدق تفاصيل تمديدات المياه والكهرباء والبنى التحتية الأخرى.
من ناحية كلفة المشروع، لم يعرف أحداً ما ستكون التكلفة النهائية.
وهنا يقول تيلكي: "قالوا لنا في باكو إنهم يريدون سباقاً. ثم سألونا هل ممكن إقامة سباق هنا؟"
ويضيف: "هذا هو السؤال الأول لحلبة في المدينة. إذا كانت لديك قطعة أرض خالية يكون الأمر ممكناً بالتأكيد، لكن في المدينة عليك التريث والنظر بما لديك. أتينا بثلاثة تصاميم للحلبة، كنت هناك أُلقي نظرة ثم قرروا المضي بأكثر التصاميم تعقيداً".
ويُكمل: "ثم بالتأكيد تدخّل الاتحاد الدولي للسيارات، وعمل معنا المهندسون والمصممون في باكو، كان فريق عملٍ كبير. لديك الفكرة، ثم تعمل على التفاصيل. هناك دائماً مشاكل كثيرة عليك حلها. لا يمكنك هدم مبنى، عليك التعامل مع الشوارع الموجودة لديك".
قررت باكو اعتماد تصميم يمر بالمدينة القديمة، ويتخلله مناطق ضيقة جداً. عاين مدير سباقات الفورمولا 1 المنتدب من الاتحاد الدولي للسيارات تشارلي وايتينغ التصميم المُقترح قبل توقيع عقد استضافة السباق، وما أن تمت المصادقة عليه، بدأت عجلة العمل بالدوران بوتيرة متسارعة.
كلفة استضافة سباق فورمولا 1
الكلفة تكون غالباً أقل لحلبة شوارع، بما أن معظم البنى التحتية موجودة في مكانها. بعد دراسة تأثير ذلك في حركة المرور، أنفقت باكو مبلغ 12 مليون دولار أميركي في إعادة سفلتة المسارات التي ستستضيف السباق. خلال عامين، حوالى 1000 شخص، بمن فيهم 5000 متطوع، تمت الاستعانة بهم للتحضير للحدث. كما تمت الاستعانة بمراقبي المسار من البحرين لإدارة السباق الأول، والعمل جارٍ على تطوير الخبرات المحلية لتولي هذه المهمة في المستقبل.
وهنا يقول رحيموف: "من ناحية الكلفة لم يعرف أحد كم ستكون. الأمور مختلفة لسباقات المدن، لأنه لا يمكنك تنفيذ تصميم حلبة كما تشاء. في المدن تكون كل حلبة مختلفة".
تُنفق معظم الحلبات عشرات ملايين الدولارات كل سنة، مع تصاعد هذه الكلفة تدريجياً. لكن بالنسبة لسباقات المدن، يجب أن تؤخذ تكلفة إقامة السباق سنوياً بعين الاعتبار. يتم إزالة المدرجات من جانبي المسار والحواجز وجدران الأمان، كما تتطلب عملية إعادة وضعها إغلاق قلب المدينة لفترة ليست بالقصيرة.
ويتابع رحيموف شارحاً: "من ناحية بناء الحلبة وتأمين التسهيلات والمنشآت اللازمة، تمكنا من إتمام ذلك بكلفة 80 ميلون دولار. ثم للسنوات المقبلة، قد ننفق ما يُقارب الـ 15 مليون دولار لتركيب وفك كل التجهيزات سنوياً".
مبالغ كبيرة يتم إنفاقها إضافة إلى تسخير الكثير من الطاقات والوقت للالتزام بحدث عالمي مثل الفورمولا 1، لكن الأمر يستحق العناء عندا تعرف أن هناك أكثر من 500 ميلون شخص حول العالم جالسون خلف شاشات التلفزة يشاهدون سيارات الفورمولا 1 تجوب مدينك في نهاية الأسبوع.