لمبورغيني هوراكان .. شكراً لمبورغيني
-
1 / 9
إذا كنتم من محبي السيارات، فأنتم وبكل تأكيد، قمتم تماماً بما قمت به بنفسي عندما كنت مراهقاً من تعليق صور لأبرز السيارات السوبر رياضية القديمة وبالأخص سيارات لمبورغيني التي لطالما كانت تتحلى بتصاميم فريدة من نوعها. فعلى جدران غرفة نومي، كان هناك صور كبيرة لعدد من طرازات لمبورغيني ومنها ميورا وإسبادا وجاراما وأوراكو وكونتاش وجالبا و.. أما السبب في ذلك، فيعود الى أنني خلال فترة مراهقتي (ولغاية اليوم) كنت أقوم بشراء مجلات السيارات لأقوم بعد قراءتها بتعديل أشكال السيارات المتواجدة فيها من خلال الرسم اليدوي، كأن أقوم بتزويدها بشفرات خلفية متوازية تغطي الزجاج الخلفي أو أن أقوم بتعديل شكل النوافذ الجانبية الخلفية أو تصميم فتحة التهوئة الأمامية أو المصابيح الأمامية والى ما هنالك من تفاصيل تصميمية منوعة.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
ولأنني من محبي تصميم السيارات قبل أن أكون محباً للسرعة والقيادة على أنواعها، كنت ولا أزال لغاية اليوم أركز بشكل كبير على عملية التصميم وأرى في السيارات الجديدة على أنواعها تفاصيل تصميمية لا يركز عليها الناس عادةً وهذا هو السبب الحقيقي خلف إنتقادي أو تقييمي للتصميم في عدد من المواضيع التي أكتبها عن السيارات. ومن منطلق عشقي لتصميم السيارات، كان من الطبيعي أن أتتبع مصممي السيارات وبالأخص الإيطاليين منهم ودور التصميم التابعة لهم شأن برتوني وبينينفارينا وإيتال ديزاين التي كانت خلف العديد من السيارات الناجحة شأن بي ام دبليو M1 التي صممت عام 1971 وفولكسفاكن غولف وشيروكو (1974) والكثير غيرها من السيارات الإختبارية التي رأي عدد منها النور إثر تحوله الى خطوط الإنتاج. ومن تصاميم إيتال ديزاين التي أسسها المصمم جيورجيتو جيجارو وألدو مانتوفاني والتي إستحوذت أودي الألمانية على 90.1 بالمئة من أسهمها في شهر أغسطس من العام 2010، لمبورغيني غاياردو التي لطالما كانت السيارة الأجمل في العالم بالنسبة لي، خصوصاً مع أسطحها القاسية وزواياها الحادة والتناسب الهندسي الرائع بين ما تقوم عليه من مساحات معدنية وأخرى زجاجية. أما الدليل على مدى نجاح هذا التصميم، فيتمثل بقدرة هذه السيارة على تحقيق أفضل مبيعات لأي من طرازات لمبورغيني (أكثر من 14000 سيارة). ومن غاياردو الطيبة الذكر التي إستمرت في الخدمة منذ العام 2003 ولغاية العام الجاري، أصل الى لمبورغيني أوراكان (هوراكان) التي أُطلقت في بداية العام في القارة الأوروبية ووصلت مؤخراً الى منطقتنا العربية والتي ما أن وقع نظري عليها حتى شعرت بمدى روعتها التصميمية التي جعلتني أشعر وكأن تصميم غاياردو.. قديم جداً.
ففي البداية، لا يمكن لأي كان أن يخطئ بهوية أوراكان (هوراكان) المعدة للبيع كطراز يعود للعام 2015، خصوصاً أنها تبدو وكأنها نسخة مطورة من غاياردو ولكن بعد أن تخلت عن الزوايا الحادة والقاسية لصالح زوايا أكثر إستدارة ولكن من دون أن تخسر السيارة أي من معالمها التي لا تشير الى شئ سوى الشراسة والعنف والسرعة الهائلة. ومع ذلك. فـ أوراكان (هوراكان) تتمتع بحضور لا يمكن تجاهله أبداً وبجاذبية لا يمكن مقاومة سحرها وبجمال لا يمكن إلا أن يأسرك حتى ولو لم تكن السيارات على أنواعها تعني لك أي شئ. ومهما كانت المناظر المحيطة بـ أوراكان (هوراكان) جميلة، فأنت لن تتمكن أبداً من إغفال وجودها. ولكنني هنا، لن أدخل في متاهات وصف هذه السيارة لأنني على يقين أني سأحتاج الى عدد كبير من الصفحات يفوق ما يحتويه هذا العدد من أوراق، مفضلاً أن أمر مرور الكرام على أبرز معالم أوراكان (هوراكان) التي تخلت عن المصابيح العمودية التي كانت تنفرد بها غاياردو لصالح مصابيح أفقية لا تزال تحتفظ بتصميم الحرف Y للمصابيح النهارية ولكن بعد إعتماد إثنين منه لكل مصباح. أما في أسفل المقدمة، فقد غابت فتحتا التهوئة الجانبيتين الكبيرتين لصالح فتحة طولية أحادية كبيرة تتداخل الأقسام البلاستيكية المطلية بلون السيارة فيها لتجعلها تبدو وكأنها مكونة من ثلاث فتحات تلعب أقسامها السفلية دور نظام لإختراق الهواء والتحكم بكيفية تدفقه حول وتحت السيارة بهدف خفض مقاومة الهواء وتعزيز ثبات المقدمة. أما في الجوانب، فقد أبقت لمبورغيني على معالم غاياردو ولكن بعد إخضاعها لنوع من التطوير يشعر المرء معه أن القساوة، وعلى الرغم من وجودها في كل أنحاء الهيكل، مسخرة لتمكن أوراكان (هوراكان) من الإنسياب على الطرقات السريعة وإختراق الهواء بسهولة بالغة لتصل الى سرعات خيالية. وفي الخلف، تبدلت معالم غاياردو المسطحة لتتحول الى مناطق متعددة المستويات تتحكم بدورها بطريقة مرور الهواء لتخلق كميات وكميات من قوى الدفع السفلية التي تزداد كلما إرتفعت السرعة مولدةً بذلك كماً كبيراً من الثبات.
وشأنها لكل السيارات السوبر رياضية، تشعرك هذه السيارة أنك لن تحتاج الى الدوران حولها لإيجاد أفضل زاوية نظر اليها لأن مجرد الإقتراب من مقصورة ركابها يصيبك بنوع من الذهول الذي يجعلك تقوم لا شعورياً بفتح بابها الأيسر لتجلس خلف مقودها ولكتتشف أنها على غرار شقيقتها الكبرى، أفنتادور ستتطلب منك أن تفتح غطاءً بلاستيكياً أحمر اللون لتصل الى مفتاح تشغيل المحرك العامل بالضغط.
وما يبدأ المحرك الذي يأخذ لنفسه وضعية خلفية وسطية مباشرة خلف مقعدي السيارة، بالدوران حتى تسمع زئيراً رياضياً يملئ المكان ويسيطر على أذنيك ليصل الى دماغك ويبدأ بتحضيره لما سيحصل لاحقاً. ومع وصول المحرك الى درجة حرارته التشغيلية حتى ينخفض دورانه وبالتالي ينخفض الهدير الرياضي بشكل لافت. عندها، يكفي أن تضغط دواسة التسارع لتعلم أن محرك الأسطوانات العشر بشكل V وبسعة 5.2 ليتر قادر على الوصول الى 8500 دورة في الدقيقة. ويمكن لهذا المحرك تبعاً لـ لمبورغيني أن يولد قوة 610 أحصنة يمكن إستخراجها بالكامل عند إيصال المحرك الى 8250 دورة في الدقيقة تتناقص الى 6500 دورة في الدقيقة عندما يتعلق الأمر بمستوى عزم دوران هذا المحرك البالغ 560 نيوتن متر.
وتنتقل قوى هذا المحرك عبر علبة تروس أوتوماتيكية متتالية تتألف من 7 نسب أمامية متزامنة يتم نقلها عبر عتلات خلف المقود وبمساعدة قابض فاصل مزدوج بإتجاه عجلات أوراكان (هوراكان) الأربع وبواسطة نظام دفع رباعي يعمل من خلال قابض فاصل يعمل بنظام الصفائح المتعددة الهيدروليكي ـ الكهربائي على نقل 70 بالمئة من قوة الدفع الى العجلتين الخلفيتين مقابل 30 بالمئة لقوة الدفع المنتقلة الى الأمام وذلك مع العلم أن هذا النظام قادر على توزيع قوة الدفع مناصفة بين الأمام والخلف كما أنه قادر على نقل كامل قوى الدفع بإتجاه الخلف. وتعمل إلكترونيات أوراكان (هوراكان) المتطورة هذه من خلال نظام يحمل تسمية “أنيما” (ANIMA) ويتحكم من خلال مفتاح مثبت في أسفل المقود ذو الإطار السفلي المسطح، بكل ما يوجد في السيارة من خلال ثلاثة برامج يحمل أولها تسمية “سترادا” أي الشارع وهو مخصص للقيادة اليومية، مقابل تسمية سبورت للبرنامج الثاني المخصص للقيادة الرياضية وتسمية كورسا للبرنامج الثالث الذي يتم إعتماده عادةً عند القيادة على الحلبات السباقية المغلقة. ويعمل جهاز “أنيما” للتحكم بأساليب القيادة على التحكم بمعايير عمل الجهد الذي يتطلبه المقود، مستويات تجاوب المحرك وعلبة التروس، كيفية توزيع قوى الدفع بين العجلات الأربع ومعايير نبض التعليق تبعاً للبرنامج الثلاثة التي تعمل بمعايير مسبقة التحديد غاب عنها إمكانية إعتماد معايير منفصلة تبعاً لإرادة السائق!
ولتنطلق بـ أوراكان (هوراكان)، يكفي أن تجذب العتلة اليمنى بإتجاهك كي يتم تعشيق النسبة الأولى من علبة تروس هذه السيارة التي ما أن تنطلق بها حتى تصيبك المفاجأة الأولى. فهذه السيارة لم تبدأ من حيث توقفت غاياردو، بل ذهبت بنفسها الى بعد آخر سيشعر به السائق بمجرد الإنطلاق ذلك أن قيادة أوراكان (هوراكان) ليست بالخشونة أو الصعوبة التي طالما إتسمت بها غاياردو. فهي سهلة القيادة وتتمتع بنوع من النعومة القاسية التي أعتقد أنها ستجعلها قبلة أنظار شريحة أكبر من المستهلكين. وهنا، شعرت وكأن لمبورغيني قررت أخيراً أن تسير في نهج منافساتها وأقصد هنا كل من فيراري وماكلارين وأن توفر سيارة يمكن لمالكها أن يعتمدها للقيادة اليومية، خصوصاً أن سيارات لمبورغيني السابقة قاسية وخشنة ومزودة بمعايير تعليق قاسية لدرجة يمكنها أن تتسبب بآلام في الظهر لسائقيها اللذين أعتقد أن القادرون منهم على دفع ثمنها أو بالأحرى ثمن هذا النوع من السيارات ليسوا بمعظمهم من جيل الشباب اليافع، بل من أولئك اللذين وصلوا الى منتصف العقد الرابع من أعمارهم. ولمن يعتقد أن هذا التحول قد يؤدي الى خسارة خليفة غاياردو لشخصيتها وقد يحولها الى مجرد سيارة سوبر رياضية أخرى، يمكنني القول بكل ثقة أنكم على خطأ. فقد قدت هذه السيارة على مختلف أنواع الطرقات مستخدماً كل معايير عملها وأنا أؤكد لكم أنها قادرة على التحول من حصان راقٍ وأليف الى ثور هائج أو نمر مفترس في غضون لحظات، خصوصاً أن محرك أوراكان (هوراكان) قادر على توفير حوالي 75 بالمئة من عزم دورانه إبتداءً من 1000 دورة في الدقيقة، مما يعني أنك لن تكون بحاجة ماسة الى الضغط القوي على دواسة التسارع كي تشعر بقوى الدفع التي تولدها هذه السيارة.
وعلى الطرقات العادية خلال القيادة اليومية، يمكن للمرء أن يعتمد على معيار سترادا الذي يفترض به أن يوفر مستويات راحة متقدمة مع العلم أنه لا يقوم بذلك. وهنا، لا يمكنني أن أوجه اللوم الى مهندسي لمبورغيني لأن سيارات هذه الفئة ليست معدة في الأساس لتوفير الراحة القصوى التي إذا ما رغب بها المرء، فعليه بإعتقادي أن يتوجه الى السيارات السياحية الكبرى شأن بنتلي كونتيننتال GT. أما أوراكان (هوراكان) ومع إعتماد برنامج سترادا، فتوفر مستويات راحة مقبولة لسيارة سوبر رياضية متفوقة يتخللها نبض تعليق قاس تنتقل معه بعض إرتجاجات وتموجات الطريق الى جسمي راكبي هذه السيارة وليزداد مستوى هذه القساوة عند إعتماد برنامج سبورت. ومع برنامج سترادا، يشعر المرء أن الوحشية التي كانت تتميز بها غاياردو إستبدلت مع أوراكان بمزيد من العملانية وراحة الإنتقال، الأمر الذي يمكن مالك هذه السيارة التمتع بها كسيارة شبه سياحية كبرى، خصوصاً أن تجاوب المقود مع هذا البرنامج يكون مائلاً الى الرياضي، في وقت تنقل علبة التروس تسبها بسلاسة ومن دون أي قساوة أو عنف.
أما عند إعتماد برنامج كورسا السباقي، فتتحول أوراكان (هوراكان) الى وحش كاسر بكل ما للكلمة من معنى إذ يكفي أن تضغط على دواسة الوقود بقوة متوسطة لتشعر أن القوة التي تدفعك بإتجاه الأمام كفيلة بنزع أحد أعضاء جسمك لو لم تكن مثبتاً بحزام الأمان ومقعد الباكيت الرياضي. فـ أوراكان قادرة على الإنطلاق من حالة الوقوف التام الى سرعة 100 كلم/س في 3.2 ثانية ترتفع الى 5.7 ثانية في حال كان التسارع الى 160كلم/س والى 13.2 ثانية في حال الإنطلاق من الصفر الى سرعة 240 كلم/س وذلك مع العلم أن السرعة القصوى التي تعلنها لمبورغيني تبلغ 325 كلم/س. وهنا، يكفي أن يفكر المرء أن وزن أوراكان (هوراكان) يبلغ 1553 كلغ ليعلم أن هناك 392.7 حصان مخصصة لجر كل طن من وزن هذه السيارة. أما في المنعطفات، فتشعر أن أوراكان تتحلى بثبات متقدم ولكن شرط أن لا يتم دفعها الى حدودها القصوى لأنها حينها ستتعرض لإنزلاق مقدمتها. فعملية نقل وزنها من الخلف الى الأمام على السرعات العالية وبواسطة الكبح صعبة نسبياً وهذا ما يعلم سائقها أن الدخول في المنعطفات بسرعات عالية ليس من شيمها وأن الأفضل أن يحاول المرء أن يخفض من سرعتها قبل الوصول الى المنعطفات كي لا يتجاوز حدودها التماسكية على أن يعود الى إستغلال طاقاتها بعد عبور وسط المنعطف وفي طريق الخروج منه معتمداً على قدراتها التسارعية المتفوقة.
ومن ناحية أخرى، تؤكد قيادة أوراكان (هوراكان) بطريقة رياضية أن محاولة جعلها تنزلق أصعب منها لما كان يحصل مع غاياردو ذلك أن توازنها جيد وأنظمتها الإلكترونية المساعدة في الحفاظ على تماسكها تعمل بكفاءة عالية وتستفيد من صلابة الهيكل (50 بالمئة أكثر من غاياردو) ولكن في حال فقد سائقها سيطرته عليها، فعملية لجمها وإعادتها الى خط سيرها الصحيح ليست بالأمر السهل.
وعلى صعيد آخر، قررت لمبورغيني أن التصميم الخارجي الطليعي لا بد له من أن يمتد الى الداخل الذي يطغى عليه الطابع المستقبلي الذي يبدو بمجرد رؤية مفتاح تشغيل المحرك المستوحى من الطائرات الحربية ومن خلال تجويف العدادات الرقمي وتصميم المقود الذي إنتقلت اليه وكما هو الحال مع سيارات فيراري الجديدة، مفاتيح التشغيل التي تتواجد عادةً حوله ومنها مفاتيح تشغيل المصابيح الأمامية وإشارات الإلتفاف وماسحات وغاسلات الزجاج الأمامي، الأمر الذي قد يتطلب من المرء بعض الوقت للتأقلم مع أماكنها. ومن ناحية أخرى، تبدو مفاتيح تشغيل مختلف الأجهزة في أماكن منطقية بحيث يسهل الوصول اليها ومن دون رفع النظر عن الطريق. وهنا، لا بد من الإشارة الى أن الجودة في الداخل متقدمة بإستثناء المنطقة التي تعلو علبة القفازات.
أما المقاعد، فتتمتع بتصميم طليعي أيضاً وتوفر مستويات تثبيت عالية للأجسام، في وقت يمكن القول أن وضعية القيادة ممتازة ومعززة بقدرة تحريك مقعد السائق في كافة الإتجاهات، مما يمكن السائق وبغض النظر عن حجمه أو طوله من إيجاد وضعية الجلوس المناسبة. ومن جهة أخرى، يمكن القول أن من يشتري سيارة من هذا المعيار، لا يقوم بذلك بسبب مقصورتها المترفة، بل بسبب تأديتها الرياضية المتفوقة. ومع ذلك، تراعي مقصورة أوراكان (هوراكان) عوامل الترف والأناقة والعملانية التي تمتد نسبياً الى القسم الأمامي من السيارة حيث يوجد مقصورة للتحميل يمكنها إستيعاب عدد محدود من الأمتعة، في وقت يتوفر في المقصورة عدد من أماكن التوضيب الصغيرة.
بإختصار، أعتقد أن أوراكان (هوراكان) ستحقق نجاحاً أكبر منه لما سجلته غاياردو. فهي لا تزال وفيه لأصول سيارات لمبورغيني لجهة تأديتها ولكنها باتت توفر لأولئك اللذين لا يريدون سيارة متوحشة طوال الوقت، إمكانية التمتع بها. كما أنها واحدة من أجمل السيارات التي يمكن للعين البشرية أن تقع عليها.