لن تنساها بسهولة
-
1 / 18
خسرت هذه السيارة أسطوانتين من محركها ولكنها أضافت جهاز توربو مزدوج وتحولت بنظر حسان بشور الى أفضل M5 تنتجها بي ام دبليو منذ 28 عاماً
عندما يدخل رجل ما في عقده الخامس أو السادس ويخالجه شعور بأنه يتقدم في السن، يقول له الناس أن العمر هيبة ووقار وأنه أصبح قمة في النضوج الذي يعود جزء كبير من الفضل فيه الى الخبرة التي إكتسبها خلال سنين حياته التي أضافت الى مميزاته الكثير من الحمكة. بإختصار، يمكن القول أنه كلما كبر المرء، كلما «جوْهر» أكثر وهذا أمر لا ينطبق على البشر وحسب، بل على بي ام دبليو M5 التي وصلت اليوم الى نهاية عقدها الثالث والتي نالت منذ إطلاقها الأول عام 1984 ولغاية حينه حملات تطويرية مستمرة تمتع بنتيجتها طراز العام 2012 من هذه السيارة بعدد من المزايا الفريدة أقلها أنه الطراز الأكثر نعومة والأكثر قوة والأكثر أناقة والأكثر عملانية في تاريخ M5.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
ولكن قبل الدخول بالأسباب التي تؤدي بنا الى قول ما قلناه عن مزايا M5 التي تصلح للإستعمالات اليومية في جو من الترف البالغ والتي يمكن تحويلها الى سيارة مخصصة للحلبات بمجرد الضغط على مفتاح واحد، تتوجب الإشارة الى أن هذه السيارة وبجيلها الحالي، تخلت عن محرك الأسطوانات العشر لصالح محرك V8 بسعة 4,4 ليتر (4395 سم3) جرى تزويده بجهاز توربو مزدوج يحمل توقيع فرع M الرياضي إرتفعت معه القوة التي يمكن لهذا المحرك أن يولدها الى 560 حصاناً يمكن إستخراجها كاملةً بين 6000 و7000 دورة في الدقيقة. وتترافق هذه القوة مع 680 نيوتن متر من عزم الدوران الذي يتوفر إبتداءً من 1500 ولغاية 5750 دورة في الدقيقة. وهنا، يمكن لمحرك M5 أن يدفعها من حالة الوقوف التام الى سرعة 100 كلم/س في 4,4 ثانية ترتفع الى 13 ثانية في حال كان التسارع الى 200 كلم/س. وتصل M5 الى سرعة قصوى محددة بـ 250 كلم/س يمكن زيادتها الى 305,77 كلم/س في حال نزع الرقاقة الإلكترونية المخصصة لتحديد السرعة القصوى.
وعلى الرغم من تشابه هذا المحرك مع ذلك الذي يتوفر لفئتي M من X5 وX6، إلا أنه مع M5 نال عدة تعديلات منها ما طاول أنظمة صمامات السحب ومنها ما شمل جهازي التوربو اللذين إرتفع ضغطهما الى 26 psi واللذين أخذا لنفسيهما مكاناً بين صفي الأسطوانات في وسط المحرك، الأمر الذي مكن مهندسي بي ام دبليو وفرع M من الوصول الى حجم محرك أصغر تم تعزيزه بمشاعب سحب وعدم أقصر لجهة الطول وأعرض لجهة القطر وهذا ما خفض نسبة ضياع الضغط ورفع بالتالي مستوى تجاوب دواسة الوقود وعزز الكفاءة في ظل تقليصه لتدني فعالية عمل أجهزة التوربو عند تدني دوران المحرك. ومن جهة أخرى، حصل محرك M5 على نظام فانوس المزدوج للتحكم بتوقيت عمل الصمامات وهذا ما أدى بالتالي الى تمكين المحرك من توفير عزم دوران مرتفع إبتداءً من دوران منخفض جداً.
وهنا، قررت بي ام دبليو أن تدني تعقيدات إستعمال M5 سيرفع عملانيتها ولذلك قررت تزويدها بأربع برامج قيادة بمعايير محددة مسبقاً تبدأ بالبرنامج القياسي الذي تتصرف معه M5 وكأنها سيدان متوسطة الحجم بمعايير تركز على الراحة والتأدية الرياضية. وتستمر برامج القيادة مع برنامجي Sport وSport Plus اللذان خصص الأول منهما للقيادة الرياضية على الطرقات العادية والثاني للقيادة الرياضية البحتة على الحلبات. أما البرنامج الرابع (M)، فيتحول معه عمل علبة التروس الأوتوماتيكية ذات النسب السبع الأمامية والتي تعمل بقابض فاصل مزدوج، الى التبديل اليدوي من خلال مقبض علبة التروس في الكونسول الوسطي أو عبر عتلات التبديل المثبتة خلف المقود. أما زيادة العملانية، فكان عبر تجهيز المقود بمفتاحي M1 وM2 اللذان يمكن برمجة كل منهما لإعتماد معايير يختارها السائق بنفسه. وبذلك يصبح بإمكان هذا السائق أن يختار بين برنامجي M1 وM2 وبرنامج القيادة التي تركز على الراحة بمجرد تحريك إبهام يده اليسرى بين المفتاحين المذكورين.
وعلى الرغم من الأخبار غير المؤكدة التي تفيد أن M5 قد تتوفر مستقبلاً في أسواقنا مع علبة التروس اليدوية السداسية النسب، إلا العلبة الوحيدة المتوفرة في الوقت الحالي هي العلبة الأوتوماتيكية المتتالية السباعية النسب التي تنقل قوى الدفع والعزم الى عجلتي المحور الخلفي اللتين بربط بينهما ترس تفاضلي بقدرة قفل تتراوح بين الجزئية والكلية. وهنا لا بد من الإشارة الى أن تبديل هذه العلبة، سواء كان أوتوماتيكياً أو يدوياً، يتسم بالسرعة العالية والتجاوب الفوري ويمكنه أن يتبدل بين الناعم عند إعتماد برامج القيادة المريحة والقاسي عند الإنتقال الى التبديل اليدوي أو الرياضي.
وفي هذا السياق، وفي مواجهة كل ما سبق من تجهيزات ميكانيكية وإلكترونية متطورة للغاية، لا يمكننا إلا أن نتوقف عند شخصيات M5. ففي حال إعتماد برنامج القيادة العادية، يمكنك عزيزي القارئ أن تتأكد أنك ستشعر وكأنك تنتقل على متن أي من نسخ فئة 5 الأخرى. ففي هذه الحالة، تتميز M5 بتصرفاتها «العائلية»، أي أنها تتصرف وكأنها عبارة عن سيارة متوسطة الحجم من فئة السيدان التي تتوجه الى العائلات التي تركز بشكل كبير على عاملي الترف والعملانية، الى جانب المقصورة الرحبة التي تستوعب ركابها براحة تامة. وفي هذه الحالة أيضاً، تصدر M5 هديراً رياضياً خافتاً وتنقل نسب علبة تروسها بنعومة عالية وسلاسة بالغة مظهرة مستويات تجاوب متقدمة مع إرادة سائقها.
أما عند بدء ضغطها، فستشعر أن هناك شخصية أخرى كانت بإنتظار الضغط من قدمك اليسرى لتبدأ بالبروز. حينها، ستبرز الشخصية الرياضية لهذه السيارة وهذا ما سيؤدي بك الى إعتماد برنامج سبورت الذي يعدل معايير عمل المقود والتعليق ونقاط تبديل نسب علبة التروس وجهاز التحكم بالتماسك. ومع هذه التعديلات، ستبدأ بالتعلق بهذه السيارة، خصوصاً أنها قادرة على جر وزنها البالغ 1870 كلغ بسهولة بالغة ومن دون أن تشعرك بوزنها أو بحجمها وتولد في نفسك إحساساً أنك خلف مقود سيارة أصغر حجماً وبالأخص في المنعطفات حين ترفع قدمك عن دواسة التسارع بشكل مفاجئ. عندها وعلى أثر إنتقال الوزن بين جهاتها الأربع، ستكتشف أن هناك ميل لإنزلاق ما ولكن السيطرة عليه سهلة للغاية. وهنا، تساهم إلكترونيات السيارة في هذه السيطرة شأنها لعدد من العناصر الأخرى ومنها توزيع الوزن وجهاز المكابح الفعال الذي لم يتبدل الشعور بدواسته على الرغم من الإستعمال المتكرر.
أما عند إعتماد معيار Sport Plus، فتتبدل المعطيات بحيث تحصل على ردات فعل أكثر شراسة وبالأخص في القسم الخلفي من السيارة الذي يملك إمكانات إنزلاق تفوق ما يمكنك أن تتخيله تم تعزيزها بقدرات هائلة على حرق الإطارات الخلفية. وهنا، لا يمكن إغفال الدقة التي يتمتع بها مقود M5 الذي تخلى عن عملية التوجيه النشط والمساعدة الكهربائية وإعتمد على نظام الجريدة والبنيون مع مساعدة هيدروليكية وهذا ما مكن جهاز المقود من توفير شعور عال بالطريق وبما تتعرض له الإطارات الأمامية وهذا ما يؤدي بالتالي الى تمنياتنا بأن تعتمد بي ام دبليو هذا النظام في كل نسخ فئة 5.
وعلى صعيد آخر، لا يمكن للمرء أن يغفل أمراً مهماً في M5 الجديدة هذه وهو تدني فعالية عمل التوربو. وعلى الرغم من أن هذا التدني بسيط، إلا أنه لا يمكن إغفاله في سيارة من هذا المعيار. ففي حال كان المرء يقود على طريق سريعة على النسبة السابعة وقام بضغط دواسة التسارع الى الحدود القصوى، ستقوم علبة التروس بنقل نسبها الى النسبة الثالثة بسرعة هائلة وحينها، سيشعر المرء أن هناك ثانية من السكون قبل أن تتدخل أنظمة التلقيم الإضافية (التوربو) وليتوفر حينها كم هائل من الدفع. وهنا لن تتمكن ـ كسائق رياضي ـ إلا من التساؤل عن السبب بعدم بدء عمل أجهزة التوربو بمجرد بدء علبة التروس بخفض النسب.
وعلى الرغم من أن M5 تتشارك مع فئة 5 بالتصميم الخارجي، إلا أنها تتميز عن شقيقاتها بمقدمتها الهجومية التي تبدأ بغطاء محرك متعدد المستويات ينتهي في الأمام بفتحتي التهوئة الرئيسيتين اللتين تتشابهان وكما في كل سيارات الشركة البافارية، مع شكل الكليتين اللتين تعلوان الصادم الأمامي المدمج الذي يحتوي على ثلاث فتحات أفقية كبيرة تشير الى كميات الهواء الكبيرة التي يحتاجها محرك الـ V8 للتنفس براحة وتعكس في الوقت نفسه الطابع الهجومي الرياضي لـ M5. وتتداخل الفتحات الجانبية السفلية في جوانب السيارة التي تقف على عجلات معدنية رياضية مطورة لدى فرع M الرياضي وهي بقياس 19 إنش. وفي الجوانب أيضاً، هناك فتحات تهوئة أخذت لنفسها مكاناً في الرفاريف الأمامية لتساهم في إيصال الهواء الخارجي الى مقصورة المحرك. أما المرايا الجانبية، فقد تم طلاء قسمها العلوي بلون السيارة، مقابل اللون الأسود للأقسام السفلية منها.
وتستمر تعديلات M في القسم الخلفي من السيارة الذي نال عاكس هواء مدمج جرى تثبيته في أعلى غطاء صندوق الأمتعة لزيادة قوى الدفع السفلية على السرعات العالية وهو أمر جرى تعزيزه أيضاً عبر ناشر الهواء الخلفي الذي يحتوي على مخارج العادم المزدوجة التي تم تثبيتها في جانبي ناشر الهواء الخلفي.
أما في الداخل، فلم تكتفي بي ام دبليو بالتشديد على عوامل الترف التي يتوجب على سيارات السيدان التنفيذية المتوسطة الحجم أن تتحلى بها، بل قررت التركيز على الروح الرياضية التي تبدو جلية من خلال المقاعد الرياضية المزودة بحواف نافرة لتثبيت الأجسام عند إعتماد القيادة الرياضية. كذلك نالت المقصورة تلبيساً فاخراً من الجلود الفاخرة المزينة بمقاطع من جلود ألكانتارا وبمساحات من الألومنيوم المصقول.
وبالعودة الى M5، لا بد من الإشارة الى أنها ستواجه سيارات عريقة شأن كاديلاك CTS-V وجاكوار XF-R وأودي S6. وهنا، ستشكل CTS-V المزودة بمحرك V8 بسعة 6,2 ليتر بقوة تزيد عن 550 حصان، شوكة في خاصرة M5 كونها تتوفر بسعر أقل منه لسعر M5. أما جاكوار XF-R، فهي سيارة مميزة بأناقتها المفرطة وتندفع عبر محرك V8 سعة 5 ليترات بقوة 510 أحصنة، في وقت تقوم أودي بتقديم سيارتها S6 مع كتابة هذه السطور.
ومع ذلك، لا يمكن إغفال عدة عوامل أولها أن M5 تحمل الجنسية الألمانية وتتحلى بعراقة وخبرة فرع M الرياضي وهي أفضل بكثير من M5 السابقة. كما أنها تتحلى بسنين من التطوير إقترب عددها من 30 وهذا ما يضفي الى مكوناتها الكثير من النقاط الإيجابية ولتنحصر نقاطها السلبية الوحيدة ـ بالنسبة لنا ـ بسعرها المرتفع. ومع ذلك، فالسعر يبقى من ناحية أخرى مبرراً ذلك أنك كمستهلك لن تدفع ثمن العراقة البافارية وحسب، بل ستنتقل على متن سيارة لن تتمكن من نسيانها بسهولة، خصوصاً أنه لا يمكنها أن تمر في أي مكان من دون جذب الأنظار.
«تصلح للإستعمالات اليومية في جو من الترف البالغ ويمكن تحويلها الى سيارة مخصصة للحلبات بمجرد الضغط على مفتاح واحد»
«سيتوجب عليها أن تفرض نفسها أمام كل من كاديلاك CTS-V وجاكوار XF-R ومرسيدس E63 AMG وأودي RS6 في حال قررت أودي إنتاجها»
«يمكنها جر وزنها البالغ 1870 كلغ بسهولة بالغة ولا تشعرك بوزنها أو بحجمها وتولد في نفسك إحساساً أنك خلف مقود سيارة أصغر حجماً»
«بإمكان سائق M5 أن يختار بين برنامجي M1 وM2 وبرنامج القيادة التي تركز على الراحة بمجرد تحريك إبهام يده اليسرى بين المفتاحين المذكورين»