مازدا 6 إحدى أفضل الخيارات
-
1 / 14
ليست مازدا 6 سيارة ذات تأدية رياضية ولكنها تتمتع بالجاذبية الكافية لجذب الأنظار وتخفي خلق مظهرها الأنيق مواصفات مثالية لسيارة معدة للإستعمال اليومي
تعاني علامة مازدا في بعض الدول العربية من كونها تعيش في ظل عملاقين يابانيين كبيرين هما تويوتا ونيسان وذلك مع العلم أن مازدا كانت منذ الثمانينات ولغاية حينه واحدة من شركات السيارات اليابانية التي يتميز إنتاجها بكل المواصفات التي أدت الى تفوق العلامات اليابانية الأخرى، أي السعر المقبول والعملانية المتقدمة والتكاليف التشغيلية المتدنية والإعتمادية العالية وأخيراً السعر المرتفع عند إعادة بيعها كسيارة مستعملة. وعلى الرغم من أن مازدا تتميز عن منافساتها اليابانيات بتصاميم سياراتها الفريدة التي تمكنها من التحلي بشخصيات مستقلة وتمكن سائقيها من الإحساس بأنهم ليسوا كباقي سائقي السيارات اليابانية، إلا أن مازدا لم تتمكن ـ على الأقل في منطقة الشرق الأوسط ـ من تحقيق «النجومية» التي حققتها علامات شأن تويوتا ونيسان وهوندا.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
ولأنني أملك مازدا MX-5 يعود تاريخ تصنيعها الى العام 1999، أعلم جيداً أن سيارات مازدا لا تكتفي بما يميز مواطناتها اليابانيات من نقاط إيجابية، بل تضيف الى ذلك متعة قيادة تزيد عن المعدل وتمكن سائقها من الإحساس بأنه يقود سيارة شبابية تتميز بقدرتها على التفاعل مع سائقها وجعله ينغمس في تفاصيل قيادتها وصيانتها وتعديلها وهذا واحد من الأسباب التي أدت بي الى طلب مازدا 6 التي خضعت مؤخراً الى عملية إعادة تصميم كاملة وظهرت بجيل جديد يفترض به أن يدخل في منافسة عارمة مع سيارات تعتبر عريقة ضمن قطاع السيدان المتوسطة منها تويوتا كامري ونيسان ألتيما وهوندا أكورد ومنها أيضاً من إنضم الى هذا القطاع ولا يمكن إغفاله شأن هيونداي سوناتا وشفروليه ماليبو وفورد فيوجن والكثير غيرها من العلامات التي لم ولن تتردد في إستعمال كل ما لديها من قوة للمنافسة في هذا القطاع الذي يعتبر ـ وعلى صعيد العالم ـ من أكثر القطاعات مبيعاً وبالتالي من أكثرها تنافسيةً.
وهنا، لا بد من التوقف عند وضع مازدا التي تمر حالياً بفترة إنتقالية. فمنذ ثلاثين عاماً، كان حوالي 30 بالمئة من ملكية مازدا يعود الى فورد الأميركية، مما يعني أن مازدا إستفادت من كل عمليات البحوث والتطوير والهندسة والتصنيع الى ما هنالك من العناصر التي لا يراها المستهلك العادي. ولكن في المقابل، كان على مازدا أن تسير في النهج الذي تراه فورد، أي على الطريقة الأميركية وهذا ما أثر بشكل غير مباشر على هويتها اليابانية. ومنذ العام 2010، حصلت مازدا على حرية القرار وفي ظل مبيعاتها التي لم تتعدى حدود الـ 1,3 مليون سيارة خلال العام الماضي، كان قرار إطلاق الجيل الجديد من طراز 6 مهماً جداً لأن المبيعات العالمية الأعلى لدى مازدا تتمحور حول طرازي 6 وMX-5. ومن هذا المنطلق ولأن التصميم الخارجي هو أول ما يسترعي إنتباه المستهلك، كان على 6 الجديدة أن تتحلى بتصميم مميز يطغى عليه الطابع الجمالي وهذا أمر تمكنت مازدا من تحقيقه تحت قيادة أكيرا تاماتاني وهو نفس الرجل المسؤول عن طراز تاكيري الإختباري الذي تم تقديمه عام 2011 في معرض طوكيو. ومع 6، تمكن قسم التصميم لدى مازدا من الخروج بسيارة يوحي شكلها أنها تندفع بالعجلات الخلفية مع العلم أن إندفاعها أمامي. وهنا، يعود السبب في ذلك الى الخطوط الجانبية التي قام معها تاماتاني بإرجاع نقطة إلتقاء أسفل العمود A الذي يحمل الزجاج الأمامي مع الرفاريف الأمامية بمعدل 10 سم الى الخلف وإعتماد رفاريف أمامية بقسم علوي مقوس. أما في الأمام، فنالت 6 شبكاً أمامياً تخلى عن تشابهه مع الفم المبتسم وإستبدله بتصميم يذكر بالأجنحة المفتوحة، خصوصاً أنه مزود بإطار كرومي سفلي يمتد الى الأعلى حيث يتداخل مع المصابيح الأمامية موفراً إحساساً بأن السيارة أعرض مما هي عليه في الحقيقة وهذا ما يوفر شعوراً لكل من يراها من الأمام بأنها تتمتع بمستويات ثبات عالية. وهنا يلعب الزجاج الأمامي ذو زاوية الميلان العالية دوراً مهماً في تعزيز هذا الشعور، بالإضافة الى أنه يساهم في تحسين مستويات الإنسيابية، شأنه لخط السقف الذي ينحني بشكل طفيف الى الأسفل كلما إتجه الى الخلف ولتبدو 6 وكأنها من فئة الكوبيه مع زجاجها الخلفي الشديد الميلان والذي ينتهي مع خط صندوق الأمتعة القصير كما في سيارات الكوبيه. أما الواجهة الخلفية، فتطغى عليها مصابيح حمراء تبدو وكأنها مستوحاة من مصابيح سيارات لكزس الخلفية ولكن بعد ربطها بخط كرومي علوي يتميز بزاويتين قاسيتين تؤكدان لمن يرى 6 من الخلف أنها تتحلى بروح رياضية تظهر أيضاً من خلال ناشر الهواء الخلفي الأسود اللون الذي يحيط بجانبيه مخرجين دائريين لجهاز العادم.
ولأن 6 مبنية على قاعدة عجلات بطول 283 سم، تمكن مهندسو مازدا من زيادة أبعادها الخارجية لتبلغ 486,5 و184 و145 سم لكل من طولها وعرضها وإرتفاعها على التوالي. ومع دفع الإطارات الأربع الى أقصى الزوايا الخارجية للقاعدة بهدف خفض الأوزان غير المنبوضة التي تؤثر سلباً على التماسك، تمكن قسم التصميم من زيادة رحابة مقصورة الركاب، خصوصاً أن المكونات التي تأخذ لنفسها مكاناً داخل المقصورة خضعت لعملية إعادة توضيب ساهمت في زيادة الرحابة الداخلية وعملت في الوقت نفسه على تحسين توزيع الوزن بين مقدمة السيارة ومؤخرتها. وفي هذا السياق، يمكن القول أن مقصورة مازدا 6 قد لا تكون الأوسع في قطاعها ولكنها واحدة من المقصورات الأكبر وبالأخص في منطقة المقعد الخلفي الذي يمكنه إستقبال ثلاثة ركاب براحة شبه تامة. وهنا، لا يمكن إغفال الرحابة الأمامية الناتجة عن دفع الإطارين الأماميين الى أقصى المقدمة وليسمح ذلك بتثبيت الدواسات في وضعية تميل الى الجهة الخارجية من السيارة ولتقع مباشرة أمام قدمي السائق الذي يتمتع مع مازدا 6 بوضعية قيادة ممتازة وبغض النظر عن طوله أو حجمه. وهنا تلعب إمكانية تحريك مقعد السائق بعدة إتجاهات مع إمكانية التحكم بوضعيتي المقود العمودية والأفقية دوراً فعالاً في توفير وضعية القيادة ممتازة عززتها مازدا بمساحات زجاجية كبيرة تحيط بجوانب المقصورة الأربع وتساعد في توفير مجالات رؤية جيدة جداً في كل الإتجاهات. وفي هذا السياق أيضاً، لا بد من الإشارة الى مازدا ركزت على الرغوات المطاطية الموجودة في المقاعد لتوفير راحة جلوس متقدمة حتى عند السفر بـ 6 لوقت طويل أو لمسافات طويلة.
وفي الداخل، يلاحظ المرء وجود كميات كبيرة من المواد البلاستيكية التي يمكن القول أنها تتحلى بجودة أعلى من المعدل. وهنا، يمكن أيضاً القول أن طريقة ربط مكونات المقصورة الى بعضها البعض جيدة أيضاً وهذا ما يرفع الإحساس بالنوعية، خصوصاً عند تأمل لوحة القيادة التي تعتمد على تصميم تقليدي سهل الإستعمال وقادر على تزويد السائق بكل المعلومات الحيوية التي يحتاجها عند القيادة. وتتميز لوحة القيادة بشاشة وسطية علوية بقياس 5,8 إنش لعرض كل ما يتعلق بجهازي الملاحة والموسيقى اللذان يتم التحكم بهما من خلال مفتاح دائري وآخر للائحة الوظائف يتميزان بسهولة وصول اليد اليمنى اليهما وبسهولة إستعمالهما التي لا تتطلب خبيراً في شؤون التكنولوجيا الرقمية الحديثة. وفي سياق الكلام عن التكنولوجيا المتطورة، نشير أن 6 مزودة مزودة بنظام E-LOOP لتجميع الطاقة المهدورة الناتجة عن الكبح وإعادة إستعمالها لتشغيل أنظمة السيارة الكهربائية.
ومع كل ما سبق والذي أعتقد أنه سيلعب في صالح مازدا 6، يبقى السؤال عن تجربة قيادتها.
وللإجابة، قمت بتجربة طراز القمة المزود بمحرك سكاي أكتيف الرباعي الأسطوانات (لم تعد مازدا 6 تتوفر بمحرك V6 بعد الآن) بسعة 2,5 ليتر جرى تزويده بجهاز بخاخ مباشر ولينتج عن إحتراق الوقود في داخله قوة 185 حصاناً يمكن إستخراجها بالكامل عند إيصال المحرك الى مستوى 5700 دورة في الدقيقة. وتترافق هذه القوة مع 250 نيوتن متر من عزم الدوران الذي يتوفر عند 3250 دورة في الدقيقة والذي ينتقل الى العجلتين الأماميتين الدافعتين بالتعاون مع علبة تروس أوتوماتيكية سداسية النسب يمكن التحكم بنقلها يدوياً من خلال عتلتين مثبتتين الى المقود أو عبر مقبض علبة التروس الموجود في الكونسول الوسطي ولكن بطريقة مازدا المعكوسة حيث يتطلب التبديل صعوداً دفع المقبض بإتجاه الخلف مقابل الدفع الى الأمام للتبديل نزولاً.
وتتميز علبة التروس بتجاوبها السريع مع التبديل اليدوي للنسب وبالأخص عند التبديل صعوداً وتتسم بنعومة نقلها للنسب مع العلم أنها مزودة بمحول للعزم يتحكم بطريقة التبديل بهدف خفض إستهلاك الوقود وبالتالي خفض الإصدارات. وهنا، لا يمكن للمرء إلا أن يقدر نعومة عمل علبة التروس الأوتوماتيكية، خصوصاً أن عدداً من السيارات المنافسة لـ 6 مزود بعلب تروس من فئة CVT التي «تقتل» متعة القيادة.
وخلال القيادة العادية في المدينة أو على الطرقات السريعة، يتمتع محرك مازدا 6 بنعومة تشغيلية متقدمة تنعكس على شكل مزيد من الهدوء في مقصورة الركاب ولكن سيتوجب على المرء إبقائه في مستوى دوران يزيد عن 3000 دورة في الدقيقة. وهنا لا يعني هذا الكلام أن مازدا 6 تتحول الى آلية بطيئة عندما يراوح دوران محركها في حدود 2000 دورة في الدقيقة، بل يشير الى أن المحرك يكون عندها عادياً جداً وهذا أمر يشعر به السائق بمجرد رفع مستويات دوران المحرك إذ يتحول هذا الأخير حينها الى محرك ذو هدير رياضي يتميز بقدرته على التجاوب بشكل سريع جداً مع قدم السائق اليمنى. وفي هذه الحالة، أي عند رفع الضغط على دواسة التسارع، لن يحصل السائق على تأدية مماثلة لما يحصل عليه في السيارات الرياضية، بل على تأدية جيدة جداً لسيدان عائلية متوسطة بمحرك من أربع أسطوانات. أما التماسك، فهو جيد حتى عند القيادة بطريقة هجومية ولكن المقدمة تبقى في النهاية عرضة لإنزلاقات أمامية طفيفة كما في كل السيارات المندفعة بالعجلتين الأماميتين، إلا أن جهاز التحكم بالتماسك سيتدخل بسرعة لمواجهة الإنزلاق وإبقاء مازدا 6 في خط سيرها الصحيح.
وفي المدينة وعلى الطرقات السريعة، تتحلى 6 بإنقيادية سيارات مازدا الجديدة، أي راحة إنتقال متقدمة معززة بسيارة متجاوبة ذات تعليق قادر على إمتصاص تموجات الطريق وإنحناءاتها المفاجئة. وهنا، عززت مازدا هذا التعليق الذي يقوم على نظام قوائم ماكفرسون الإنضغاطية في الأمام ومبدأ الوصلات المتعددة في الخلف، بجهاز مقود كهربائي يمكنني القول أنه من أفضل أجهزة المقود الكهربائية المتوفرة في هذا القطاع من عالم السيارات وبالأخص لجهة دقته التوجيهية وتجاوبه السريع.
وبكلمات موجزة، يمكنني القول أن مازدا 6 تشكل خياراً ممتازاً لمن يريد سيدان عائلية متوسطة الحجم ذات شخصية مستقلة وجذابة مع عملانية إستعمال متقدمة وإستهلاك معتدل على أن تكون قادرة على توفير متعة قيادة تزيد عن المعدل المتوفر للسيارات العائلية، خصوصاً أن النقاط السلبية التي ترافها لا تتعدى حدود حجم التحميل في صندوق الأمتعة والذي تمنينا لو كان أكبر بقليل.
المواصفات
مازدا 6 ـ 2014
الأرقام
2,5 ليتر ـ 4 أسطوانات متتالية ـ دفع أمامي
185 حصان عند 5700 دورة في الدقيقة
250 نيوتن متر عند 3250 دورة في الدقيقة
علبة التروس: 6 أوتوماتيكية
من صفر الى 100 كلم/س: 7,6 ثانية
السرعة القصوى: غير متوفر ـ الوزن: 1452 كلغ
الطول: 486,5 سم، العرض: 184 سم، الإرتفاع: 145 سم