مازيراتي غيبلي S جينيات رياضية
مواصفات السيارة
- سعة المحرك: 3.0TC V6 RWD
- عدد الأحصنة: 330 حصان
- التسارع من 0- 100: 5.6 ثانية
- السرعة القصوى: 280 كلم/س
إذا تأمل المرء قطاع سيارات السيدان المتوسطة الحجم والرياضية التأدية سيجد كماً هائلاً من السيارات والطرازات التي تتنافس فيما بينهما لتحقيق أفضل المبيعات وهذا ما أدى بصانعي السيارات وبالأخص الألمان منهم الى إبتكار فئات ضمن هذا القطاع منها ما مزج بين التأدية الرياضية المتقدمة ومواصفات سيارات السيدان العائلية ومنها ما ركز على مميزات السيارات العائلية ولكن ضمن هيكل يعتمد على معالم تصميمية كانت فيما مضى محصورة بسيارات الكوبيه والى ما هنالك من “خلطات” تهدف الى توفير سيارة مميزة أو فريدة من نوعها تساهم في إيصال شركات السيارات الى هدفها الأسمى، أي زيادة المبيعات ومحاولة التغلب على المنافسة وتصدر هذا القطاع.
أما بالنسبة لي وعلى الرغم من أن زيادة الطرازات والفئات والنسخ يعمل بطريقة مباشرة على إغناء الأسواق وفتح باب الخيارات على مصراعيه أمام المستهلك، إلا أنه في النهاية ليس إلا خطوات مختلفة لعمل واحد يمكن إختصاره بأن هذه السيارات ومن دون تحديد إسماءها، ليست إلا سيارات سيدان متوسطة الحجم تريد من كل قلبها أن تتحول الى سيارات رياضية. ومن هنا أصل الى مازيراتي غيبلي الجديدة التي تنتمي الى القطاع E والتي أردت أن أكتشف ما إذا كانت ستلعب نفس دور منافساتها، خصوصاً أن شركتها لا تنفك تعلن أنها ستعتمد عليها كي تتمكن من رفع مبيعاتها الى 50 ألف سيارة مع حلول العام 2015.
ولإيجاد الجواب الشافي، كان لا بد من الحصول على غيبلي وتحديداً نسخة S منها وقضاء بعض الوقت معها ومحاولة التعايش مع ما لها وما عليها لمعرفة ما تقوم عليه وما الذي فعلته شركتها كي تتمكن من تمييزها عن باقي السيارات المنافسة، خصوصاً أنها واحدة من السيارات القلائل اليوم التي لا يمكنها أن تركن في أي مكان من دون أن تجذب الأنظار اليها، تماماً كما لا يمكنها أن تمر في أي مكان من دون أن يلفت هدير عوادمها الرياضية إنتباه المتواجدين.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
وهنا، لا يمكن لأي كان أن ينكر أن تصميم هذه السيارة يشكل واحداً من العوامل الرئيسية التي تمكنها من التمتع بجاذبية أخاذة. ففي الدرجة الأولى، تحمل غيبلي S الهوية الإيطالية وعندما نتكلم عن التصميم، فالإيطاليون يتربعون على العرش منذ زمن بعيد والدليل كمية السيارات الكبيرة التي أجمع كل من لا علاقة بعالم صناعة السيارات على جمالها وحضورها. وفي هذا السياق، لا بد لي من الإشارة الى أن غيبلي تتشارك بالكثير من الخطوط التصميمية مع شقيقتها الأكبر كواتروبورتي ولدرجة أن العديدون يقولون أنها عبارة عن فئة مصغرة من كواتروبورتي. هذا الكلام صحيح ولكن ـ على الأقل من وجهة نظري الخاصة ـ تتميز غيبلي مقارنةً بـ كواتروبورتي بحجم مدمج وبقياسات خارجية أصغر وهذا ما وفر لها تناسقاً هندسياً ممتازاً وساهم في تحليها بحضور واثق وبشكل خارجي جميل وذلك بغض النظر عن الزاوية التي يتم إعتمادها لتأملها. فمن الجوانب، هناك تناسب بين الأسطح المعدنية والمساحات الزجاجية يجعل غيبلي تبدو وكأنها أطول مما هي عليه في الواقع، خصوصاً أنها تنفرد بزجاج أمامي ذو زاوية ميلان عالية وبعجلات معدنية كبيرة تم دفعها الى أقصى الزوايا الخارجية الأربع للسيارة.
وفي هذا السياق أيضاً، أعتقد أنه في ظل وجود عدد كبير من السيارات المنافسة لـ غيبلي، كان على مازيراتي أن توفر سيارة لا تتشابه مع السيارات المنافسة لا لجهة الشكل والتصميم ولا لناحية الإنقيادية والتأدية، خصوصاً أن كل من بي ام دبليو وبورشه ومرسيدس وأودي وكاديلاك ولكزس وجاكوار وغيرهم من المنافسين لـ مازيراتي يوفرون سيارات من فئة السيدان الرياضية التنفيذية التي تتميز بأشكال جميلة وحضور لافت وقدرات رياضية لا يمكن إغفالها أبداً. ومن هنا، يبدو بوضوح أنه يتوجب على غيبلي أن تتمتع بخصائص لا تتوفر لدى المنافسة كي تتمكن من تحقيق إستمراريتها في قطاع تعتبر المنافسة فيه ضارية منذ زمن بعيد. وعلى هذا الصعيد، تعتمد مازيراتي كثيراً على إسمها العريق في عالم السيارات السريعة وما يرافقه من سحر لطالما إقترن بمنتجاتها التي إشتهرت منذ بداياتها بإنغماسها الكلي في عالم رياضة السيارات. وفي هذا الإطار، قامت مازيراتي بتكرار ما فعلته مع الشقيقة الأكبر كواتروبورتي لناحية الترويج لمحركات السيارتين والتي تم تطويرها في مارانيلو بالتعاون مع فيراري وليبدأ كل محبو سيارات مازيراتي بالتباهي بأن سياراتهم مزودة بمحركات فيراري، الأمر الذي إنعكس وسينعكس بكثير من الإيجابية على سيارات مازيراتي وعلى رأسها غيبلي بكافة نسخها وبالأخص تلك العاملة على البنزين.
ولـ غيبلي S موضوع التجربة، وفرت مازيراتي محركاً تم تطويره في مسقط رأس فيراري وبالتعاون مع مهندسيها المتمرسين في عالم التقنيات المعاصرة وعلى رأسهم باولو مارتينيلي الذي كان يعمل في السابق على محركات سكوديريا فيراري المشاركة في بطولة العالم للفورمولا واحد. ويعتمد هذا المحرك على مبدأ الأسطوانات الست التي يفصل بين كل ثلاث متتالية منها زاوية 60 درجة وهو بسعة 3.0 ليترات ويعمل بمساعدة تقنية الصمامات المتعددة ونظام البخاخ المباشر اللذان تم تعزيزهما بجهاز توربو ثنائي إرتفعت معه قوة هذا المحرك الى 410 أحصنة تتوفر عند 5500 دورة في الدقيقة. أما عزم الدوران، فيبلغ 550 نيوتن متر ويتوفر إبتداءً من 1750 ولغاية 5000 دورة في الدقيقة. وتنتقل قوى هذا المحرك عبر علبة تروس أوتوماتيكية متتالية تحمل توقيع الصانع الشهير ZF وتعمل من خلال 8 نسب أمامية، بإتجاه العجلتين الخلفيتين وبحيث تساهم هذه العلبة في تعزيز القدرات الرياضية لـ غيبلي S التي يمكنها أن تتسارع من حالة الوقوف التام الى سرعة 100 كلم/س في غضون 5 ثواني تصل بعدها الى سرعتها القصوى البالغة 285 كلم/س.
على الطرقات العادية وفي حال إعتماد برنامج القيادة القياسي الذي يشدد على الراحة، يشعر المرء أن هناك بعض القساوة في الإنقيادية وهذا ما يذكر سائق هذه السيارة على الدوام أنه خلف مقود سيارة تعتمد أساسات شركتها على رياضة السيارات. ومع ذلك، فالراحة جيدة والأرجح أن سائقي غيبلي S لن يمانعوا القساوة النسبية لأنهم بالتأكيد لن يتوقعوا من سيارة تحمل شعار مازيراتي مستويات الراحة المتفوقة التي يجدونها عادةً في سيارات مرسيدس. ومن ناحية أخرى، لن يتوجه زبائن هذه الأخيرة الى أي من سيارات مازيراتي لأن أولوياتهم لا تصب في خانة السيارات التي تتمتع بتاريخ عريق في عالم رياضة السيارات، بل هم من أولئك اللذين يميلون الى السيارات المريحة التي تتحلى بتأدية رياضية. وعلى هذا الصعيد، يكفي أن يعتمد سائق غيبلي S ـ وهذا ما فعلته طيلة التجربة ـ على برنامج القيادة الرياضي الذي ترتفع معه قساوة التعليق بشكل ملحوظ جداً يشعر معه كل من يتواجد خلف المقود أن سيارته تحمل في طياتها مميزات السيارات السباقية.
وفي هذا الإطار، تمنيت لو سنحت لي الفرصة للذهاب بـ غيبلي S الى الحلبة لإكتشاف قدراتها الفعلية ولكن الوقت لم يسمح بذلك مما إضطرني للإكتفاء بقيادتها على الطرقات العادية التي شملت داخل المدينة وبعض الطرقات السريعة. وخلال تجربتي السريعة، لم أتمكن إلا من إبداء إعجابي بـ غيبلي S التي كانت قادرة في كل ظروف القيادة على توفير مزيج مميز من التماسك والتسارع والكبح ساهم فيه تعليق مستوحىً من الشقيقة كواتروبورتي يعتمد في الأمام على تقنية الشعب المزدوجة التي يقابلها في الخلف نظام الوصلات المتعددة. ويتميز هذا التعليق مضافاً اليه معايير الشاسي، بقدرة على التصرف كتعليق يعود الى سيارة سياحية كبرى ليعود بمجرد الضغط على مفتاح واحد ليتصرف وكأنه معد خصيصاً لسيارة سباقية القلب والقالب.
أما المحرك، فيتميز بكونه يعمل وكأنه محرك V6 عادي عند مستويات الدوران المنخفضة موفراً قدرة جر جيدة من خلال نعومة تشغيلية متقدمة. أما عند الضغط على دواسة التسارع بقوة، فتدب الحياة في جهازي التوربو وتفتح الصمامات الموجودة داخل جهاز العادم الذي يصدر حينها معزوفة موسيقية رائعة تتماثل في تركيبتها مع هدير عوادم سيارات مازيراتي الذي لا يزال لغاية حينه من أجمل الأصوات الميكانيكية في العالم. وحينها يتحول هذا المحرك من هادئ وناعم الى محرك مجنون يولد قواه بسهولة وسرعة تظهر على شكل تسارعات سريعة جداً وبالأخص عند إبقاء دوران المحرك بين 4500 و6000 دورة في الدقيقة. وفي هذه الحالة، يسيطر عليك شعور مفاده أنك خلف مقود سيارة أصغر حجماً منه لحجم غيبلي وهذا ما يؤدي بك الى زيادة سرعتك لتكتشف أن هناك مستويات تماسك متقدمة جداً قد يتخللها في بعض المنعطفات ميل خفيف لإنزلاق المقدمة يمكن معالجته بكل فوري بمجرد رفع القدم عن دواسة التسارع. وهنا، يلعب التعليق دوراً فعالاً كونه يبقي على تمايلات الهيكل في حدودها الدنيا، في وقت يبقى التعليق الوحيد متعلقاً بجهاز المقود الذي لا يوفر شعوراً عالياً بما تتعرض له الإطارات الأمامية وذلك على الرغم من أنه يتميز بدقة توجيهية عالية وبنسبة إلتفاف قصيرة.
وفي الداخل، سيتفاجأ كل من يجلس في مقصورة غيبلي وبالأخص في الخلف بالمساحات الداخلية الرحبة، خصوصاً أن مازيراتي عمدت الى خفض إرتفاع المقعد الخلفي لتوفير مزيد من المساحات المخصصة للرؤوس في ظل خط السقف المنحني في الخلف. وتمتد هذه المساحات أيضاً لتشمل صندوق الأمتعة الخلفي الذي تعلن مازيراتي أن سعته تبلغ 555 ليتراً. وفي مواجهة هذه الإيجابيات، أعتقد أنه كان على مازيراتي أن تضحي بناحية ما كي تتمكن من توفير غيبلي بأسعار منافسة ولتتمثل هذه التضحية بالمقصورة التي على الرغم من أنها مبطنة بمساحات ومساحات من الجلود التي تشعر المرء من النظرة الأولى أنها فاخرة وعلى الرغم من أن المقاعد وثيرة للغاية وتوفر راحة عالية مع مستويات تثبيت متقدمة خلال المناورة والقيادة الرياضية، إلا أن هذه المقصورة تشعر كل من ينظر اليها أنها تفتقد الى شئ ما أعتقد أنه يدور حول التصميم المبسط. فمن يرى التناسق الهندسي لهيكل السيارة الخارجي أو من يسمع هدير هوادمها يتوقع أن يجد مقصورة ذات طابع رياضي قررت مازيراتي إستبداله بمقصورة تركز على البساطة التصميمية. فلوحة القيادة تعتمد على تجويف عدادات هو نفسه الذي يتواجد في الشقيقة كواتروبورتي. وينطبق الأمر أيضاً على جهاز الإتصالات والتواصل الذي تمت إستعارته من إبنة العم كرايسلر (نظام UConnect) والذي يتواجد في معظم سياراتها. وفي وقت لست ضد المشاركة، إلا أنني توقعت أن تعمد مازيراتي على الأقل الى تعديل الرسومات الغرفيكية وألوانها لتتناسب مع أصول مازيراتي الإيطالية. كذلك، وفرت مازيراتي لسيارتها هذه جهازاً موسيقياً عصرياً يمكن الحصول عليه بفئة بويرز & ويلكينز بقوة 1280 وات. أما مكيف الهواء ذو منطقتي التبريد المنفصلتين، فهو فعال ويقوم بتبريد المقصورة بسرعة عالية ولكن هدير الهواء الصادر عنه مرتفع نسبياً. ومن ناحيتها، توفر شاشة جهاز الملاحة التي تعرض أيضاً عمل عدد من أجهزة السيارة، بنقاوتها العالية ولكنها تضطرك في بعض الأحيان الى لمس مفتاح ما في داخلها عدة مرات ليتم تفعيل ما تريد تشغيله.
وعلى الرغم من أن الجودة التصنيعية في غيبلي قد لا تضاهي جودة السيارات الألمانية المنافسة، إلا أن المتعة التي تولدها قيادة هذه السيارة بالذات (غيبلي S)، تمكنها من أن تكون واحدة من السيارات التي تستحق أن يضعها المرء ضمن إعتباراته الشرائية، خصوصاً أنها ستنفرد بكونها واحدة من السيارات التي لن يراها المرء بكثافة على الطرقات. ومع أن منافساتها قد يتفوقن عليها، إلا أن ما تنفرد به غيبلي S هو أنها تشعرك كلما قدتها أنها معدة خصيصاً للسائق المتطلب والأهم من ذلك هو أنها ليست مجرد سيدان متوسطة أخرى تريد أن تتحول الى سيارة رياضية بإمتياز، بل هي سيارة رياضية حقيقية صودف أنها ولدت بجسم.. سيدان.