مازيراتي كواتروبورتي مميزة على كل الأصعدة
قد تكون منافسات كواتروبورتي الألمانيات أكثر تفوقاً ولكن هذه الساحرة الإيطالية تملك قدرة غريبة على جذبك الى مقصورتها وعندها ستبدأ عملية إنغماسك فيها
ما أن يقع نظرك على مازيراتي كواتروبورتي الجديدة حتى تشعر بأنها سيارة كبيرة. تأملها أكثر وستتأكد أنها نمت وأن حجمها الخارجي أكبر. ولا يعود السبب في ذلك الى السنتمترات الـ 16,5 التي أضيفت الى طولها الإجمالي بعد أن عمد مهندسو مازيراتي الى زيادة طول قاعدة العجلات بمعدل 11 سم فقط، بل الى أنه يفترض بهذه السيارة أن تعني الكثير لشركتها ولقطاع سيارات السيدان التنفيذية الكبرى، خصوصاً أن مجموعة فيات التي تملك مازيراتي قررت عند العمل على هذه السيارة أن تضخ ميزانية ترواح في حدود 1,2 مليار يورو في فرع مازيراتي، على أمل أن تتمكن من رفعه الى المستوى الذي يستحقه في الأسواق. ومع هذا الدعم الذي طالما إفتقدته مازيراتي من شركتها الأم، يبدو أن منتجات هذه الشركة باتت على الطريق الصحيحة نحو تحقيق مرادها وهذا واحد من الأسباب الرئيسية التي أدت بي الى طلب كواتروبورتي الجديدة من المكتب الإقليمي لـ مازيراتي في الشرق الأوسط لأقوم بتجربتها بهدف التأكد من ما إذا كانت هذه السيارة تستحق الوقوف في وجه منافساتها ـ وما أكثرهن ـ وبالأخص الألمانيات منهن شأن مرسيدس فئة S وبي ام دبليو فئة 7 وأودي A8 و.. بورشه باناميرا.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
ولأن مازيراتي تعتبر شريكاً لـ فيراري، كان لا بد من الإعتماد على قدرات هذه الأخيرة لجهة المحركات حيث قام الشريكان بتطوير محركين جديدين لـ كواتروبورتي ولكننا هنا سنتناول محرك القمة الذي ينتمي الى نادي محركات V8 بسعة 3,8 ليتر جرى تزويده بعدد من أكثر تقنيات فيراري تطوراً بعد أن أضيف اليه جهازا توربو إرتفعت معهما القوة التي يمكن لهذا المحرك أن يولدها الى 530 حصاناً يتم إستخراجها عند مستوى 6800 دورة في الدقيقة لتترافق مع 710 نيوتن متر من عزم الدوران الذي سيتطلب من سائق كواتروبورتي أن يبقى على دوران يراوح بين 2250 و3500 دورة في الدقيقة لإستخراج العزم الأقصى. وهنا، يمكن القول أن هذا المحرك هو أول محرك مزود بشحن إضافي تنتجه فيراري منذ إنتاجها لمحرك F40 الأسطورية. ولهذا المحرك، كان لا بد من الإعتماد على علبة تروس متطورة، الزمر الذي أدى بـ مازيراتي الى الإستعانة بشركة ZF التي تعتبر واحدة من أشهر صانعي علب التروس الرياضية والمتطورة في العالم. ومن هنا، كان الإعتماد على علبة تروس أوتوماتيكية متتالية تعمل بثماني نسب أمامية متزامنة يمكن التحكم بنقلها يدوياً عبر عتلات مثبتة الى عمود المقود أو عبر مقبض علبة التروس الذي سيتطلب من المرء بعض الوقت للتأقلم مع طريقته المعكوسة لنقل النسب إذ يتطلب تبديل النسب الى الأعلى ضغط المقبض بإتجاه الخلف والعكس صحيح!
وبمجرد الإنطلاق بـ كواتروبورتي وفي حال سبق للمرء أن قاد الجيل الأسبق (الخامس) منها، يمكن الإحساس بأن هذه السيارة قادرة على إخفاء وزنها البالغ 1900 كلغ وذلك على الرغم من أنها باتت أكبر حجماً، خصوصاً مع تحليها بـ 526,2 و194,8 و148,1 سم لكل من طولها وعرضها وإرتفاعها علي التوالي. ومع قاعدة عجلات بطول 317,1 سم تحمل وزناً يراوح في حدود 1900 كلغ، يمكن لـ كواتروبورتي أن تتسارع من حالة الوقوف التام الى سرعة 100 كلم/س في غضون 4,7 ثانية والوصول الى سرعة قصوى تبلغ 307 كلم/س وليعتبر ذلك ضمن قطاع التأدية الرياضية المتقدمة.
وفي وقت بات الإعتماد على أجهزة المقود الكهربائية من العادات السائدة، لا يمكن للمرء إلا أن يشكر مازيراتي على قرارها بإبقاء المقود ذو المساعدة الهيدروليكية كونه يساهم في توفير شعور جيد بالطريق وبما تتعرض له الإطارات الأمامية. وهنا، لم تتبقي مازيراتي على نظام المقود هذا فقط، بل قامت بتطويره بحيث إزدادت دقته التوجيهية وهو أمر لا يمكن للمرء إلا أن يلاحظه عند القيادة على طرقات متعرجة. وفي هذا السياق أيضاً وبدلاً من الإعتماد على نظام للتحكم بأساليب القيادة كما في السيارات الألمانية المنافسة، قامت مازيراتي بتزويد جهاز التعليق بمفتاح يمكن معه التحويل بين النبض القاسي والنبض المريح، في وقت تم التركيز على التحكم بالقوى التسارعية الأفقية التي تتعرض لها أجهزة التعليق وبالأخص الخلفية منها ولينعكس ذلك على شكل مستويات تماسك متقدمة جداً يمكن الإحساس بها عند إيقاف عمل جهاز التحكم بالتماسك على الطرقات الجافة. حينها، سيشعر المرء أن التماسك متقدم جداً. أما عند الرنتقال الى الطرقات الزلقة بسبب مياه الأمطار، فإستعمال جهاز التحكم بالتماسك أمر في غاية الأهمية لأن إمكانية التعرض لإنزلاقات مفاجئة وخطيرة كبيرة جداً. كذلك، ورثت كواتروبورتي مفتاح سبورت الشهير الذي يعمل عند تفعيله على زيادة الهدير الرياضي للعادم ويقوم بإبقاء علبة التروس على النسب المتدنية بهدف زيادة دوران المحرك في كافة ظروف التشغيل ويحجز هذه النسب لوقت أطول.
وعند الإنطلاق على متن كواتروبورتي هذه من حالة الوقوف، سيشعر السائق أن هناك تدنياً في إستخراج قدرات المحرك الذي ما أن يصل الى حوالي 2000 دورة في الدقيقة حتى تبدأ شخصيته بالتبدل. فـ بين 2000 و4000 دورة في الدقيقة، ستشعر أن هذا المحرك يتمتع بليونة عالية وأنه قادر على تزويدك بكل ما يخفيه في داخله من عزم بمجرد أن ترفع ضغط رجلك اليمنى على دواسة التسارع. وبين 4000 وحوالي 7000 دورة في الدقيقة، يتدخل إسطبل الأحصنة ليوفر مزيداً من قوة الدفع التي يشعر سائق كواتروبورتي أن طريقتها بالإنتقال عبر العجلات الى الطريق سلسة وناعمة ولا يعكر صفوها شئ إلا هدير العادم الرياضي الذي لا يزال منذ زمن بعيد من أجمل أصوات العوادم في العالم.
وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة الى أنه سواء كنت تعتمد معيار القيادة العادي أو سبورت، فالصمامات والبوابات الموجودة داخل جهاز العادم تعمل بمجرد وصول المحرك الى 4200 دورة في الدقيقة وتوفر هديراً رياضياً جميلاً يؤدي بك الى الإستمرار في الإعتماد على نسب علبة التروس المتدنية كي تتمتع بالهدير الصادر من الخلف وبالأخص عندما تقوم بالتبديل نزولاً إستعداداً لخفض السرعة أو التبديل صعوداً وأنت في حالة تسارع قصوى. وهنا، يجب على السائق أن يثق بـ مازيراتي التي قررت عدم توفير مكابح سيراميكية لسيارتها هذه لأن جهاز المكابح فيها متفوق جداً ويعتمد على إسطوانات قرصية مهواة ومثقوبة تمت صناعتها من خليط من الألومنيوم والرصاص وتزويدها بحشيات خاصة صنعت بالتعاون مع شركة برمبو المتخصصة بالمكابح الرياضية. وفي هذا السياق، زودت كواتروبورتي بأسطوانات بقطر 15 إنش في الأمام تعمل عبر مكابس سداسية يقابلها 13,8 إنش في الخلف مع مكابس رباعية أكدت لنا خلال التجربة أنها فعالة جداً، خصوصاً أنها لم تتعرض لتدني فعالية عملها أبداً تحت تأثير الإستعمال المتكرر خلال ظروف مناخية قاسية ترافقت مع درجة حرارة راوحت في حدود الـ 45 درجة مئوية.
من الخارج، كان على مازيراتي أن تحافظ على المعالم التصميمية التي باتت جزءاً لا يتجزأ عن الشقيقة الرياضية غران كوبيه ومن هنا، إنطلقت مازيراتي من الواجهة الأمامية للشقيقة الكوبيه ولكن بعد تعديلها لتتناسب مع سيارة من فئة السيدان. ومن هنا يبدو التشابه بين الشقيقتين اللتين تتشاركان بتصميم المصابيح الأمامية ذات الشكل المربع والمائل الى المثلث وبتصميم فتحة التهوئة الأمامية النافرة عن مستوى المصابيح والممتدة نزولاً بحيث تعلو فتحة طولية سفلية أخرى تساهم وبالتعاون مع العلوية على تبريد مقصورة الركاب ومنطقة المكابح الأمامية وتساهم بتصميمها وبتصميم المنطقة المحيطة بها في التحكم بطريقة تدفق الهواء حول المقدمة بحيث تسهل إختراقها للهواء على السرعات العالية مولدة قوى دفع سفلية تساهم في زيادة ثبات المقدمة من ناحية وفي خفض مستويات ضجيج إختراق السيارة للهواء.
أما في الخلف، فقد إبتعدت كواتروبورتي عن ما تعودنا عليه مع الجيل الخامس منها، خصوصاً بعد أن إعتمدت مصابيح خلفية طولية تبدو وكأنها مستعارة من أودي A4. ومع ذلك، فتصميم الواجهة الخلفية أجمل من ما كان عليه مع الجيل الأسبق الذي كانت واجهته الخلفية تبدو وكأنها لا تنتمي الى السيارة لا من قريب ولا من بعيد ويشعر الناظر اليه أنه متناسق مع التصميم العام وهذا ما يعزز برأينا حضور كواتروبورتي عند النظر اليها من الخلف، مع العلم أنه يتطلب من غير المنغمسين في عالم صناعة السيارة بعض الوقت للتعرف الى هوية السيارة.
في الداخل وعلى الرغم من توجه السيارات المنافسة نحو لوحات القيادة المليئة بالتجهيزات والمكونات والمفاتيح، إلا أن مازيراتي قررت أن إعتماد مبدأ البساطة التصميمية سيمكن كواتروبورتي من التحلي بمزيد من الخصوصية والفرادة. فلوحة القيادة تبدأ بتجويف للعدادات يقوم على عدادين كبيرين للسرعة ولدوران المحرك يتوسطهما لوحة رقمية تحتوي في طرفيها علي عدادين لكمية الوقود المتبقية في الخزان ولدرجة حرارة المحرك. وبين هذين العدادين، توفر اللوحة مجموعة كبيرة من المعلومات التي يمكن للسائق أن يقرر نوعية ما يريد رؤيته منها. أما الكونسول الوسطي، فيبدأ بمخارج مكيف الهواء اللذين يعلوان شاشة بقياس 8,4 إنش يمكن من خلالها التحكم بمعايير عمل مكيف الهواء، الجهاز الموسيقي (راديو وقارئ أسطوانات مدمجة وقوابس لربط أجهزة الموسيقى الرقمية الخارجية)، جهاز الملاحة، الهاتف المحمول، الستائر الواقية من الشمس، المقاعد المبردة والمدفئة وغيرها من الأجهزة. أما القسم الأفقي من الكونسول، فيحتوي على مقبض علبة التروس وبعض مفاتيح التحكم بنبض التعليق ونظامي سبورت وICE للقيادة المراعية للبيئة والتبديل اليدوي وإيفاق عمل جهاز التحكم بالتماسك، بالإضافة الى حيز للتوضيب وآخر لوضع الأكواب أو قوارير الماء الصغيرة.
ومن جهة أخرى، لا يمكن أبداً التغاضي عن المقاعد الأمامية التي تتميز بإمكانية تعديل وضعيتها وبقدرتها على توفير راحة جلوس عالية مع قدرات تثبيت متقدمة للأجسام عند التحول الى القيادة الرياضية. أما في الخلف، فلا توفر المقاعد راحة جلوس قصوى مهما طال فترة الإنتقال على متن السيارة، بل تتميز بالمساحات الداخلية المحيطة بها والتي يمكن معها لثلاثة من أصحاب القامات الطويلة جداً أن يجدوا لأنفسهم متسعاً من المكان المريح. وهنا، لم تكتفي مازيراتي بإستغلال الزيادة التي أجرتها على طول كواتروبورتي في صالح المساحات الداخلية الخلفية، بل تمكنت مع التوضيب الذكي لمكونات السيارة من توفير صندوق أمتعة خلفي كبير يمكن لحجمه التحميلي أن يصل الى 529,5 ليتر.
في الإجمال، يمكن القول أن كواتروبورتي الجديدة شكلت قفزة نوعية مقارنة بالجيل الخامس منها وهي واحدة من تلك السيارات التي تجمع بين الترف والفخامة والروح الرياضية الصرفة مع إمكانية الإنتقال من خلف المقود أو عبر المقعد الخلفي ولكن هل يمكنها مواجهة منافساتها الألمانيات؟ الحقيقة، قد يكون ذلك صعب نسبياً ولكن يكفي أن يسألك أحدهم عن نوع السيارة التي تعتمدها ليأتي جوابك على شكل كلمة واحدة:
«مازيراتي».
المواصفات
مازيراتي كواتروبورتي
الأرقام
3,8 ليتر ـ 8 أسطوانات بشكل V ـ دفع خلفي
530 حصان عند 6800 دورة في الدقيقة
710 نيوتن متر بين 2250 و3500 دورة في الدقيقة
علبة التروس: 8 أوتوماتيكية متتالية
من صفر الى 100 كلم/س: 4,7 ثانية
السرعة القصوى: 307 كلم/س ـ الوزن: 1900 كلغ
الطول: 526,2 سم، العرض: 194,8 سم، الإرتفاع: 148,1 سم