الرسوم الجمركية الأمريكية تُهدد صناعة السيارات العالمية
تداعيات اقتصادية واسعة النطاق
- تاريخ النشر: الإثنين، 03 مارس 2025

في خطوة أثارت جدلاً واسعًا، فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسومًا جمركية على الواردات من المكسيك وكندا، بالإضافة إلى رسوم جديدة على الواردات الصينية.
جاءت هذه الإجراءات في إطار سياسة ترامب التجارية التي تهدف إلى حماية المصالح الأمريكية، لكنها أثارت مخاوف عالمية من اندلاع حرب تجارية قد تُعطل سلاسل التوريد العالمية، وتُهدد الصناعات الحيوية، وعلى رأسها صناعة السيارات.
صناعة السيارات في المكسيك: قلب الإنتاج العالمي
تُعد المكسيك واحدة من أهم المراكز الصناعية لتصنيع السيارات في العالم، حيث تعتمد العديد من الشركات العالمية الكبرى على مصانعها هناك لتلبية الطلب الأمريكي والأسواق العالمية.
فمصنع أودي التابع لشركة فولكس فاجن في سان خوسيه تشيابا، على سبيل المثال، يُنتج طراز Q5 ويعمل به أكثر من 5000 شخص. وفي عام 2023، أنتج المصنع ما يقرب من 176 ألف سيارة، تم تصدير 40 ألف منها إلى الولايات المتحدة في النصف الأول من عام 2024.
أما مصنع بي إم دبليو في سان لويس بوتوسي، فيُنتج سيارات الفئة الثالثة والفئة الثانية كوبيه وM2، حيث يتم تصدير معظم إنتاجه إلى الولايات المتحدة. ومن المقرر أن يبدأ المصنع في إنتاج طراز Neue Klasse الكهربائي بالكامل بحلول عام 2027، مما يعكس التوجه العالمي نحو السيارات الكهربائية.
وشركة فورد أيضًا تعتمد بشكل كبير على المكسيك، حيث تمتلك ثلاثة مصانع هناك، بما في ذلك مصنع محركات في شيواوا ومصنعان للتجميع في كاوتيتلان وهيرموسيلو. وفي النصف الأول من عام 2024، صدّرت فورد ما يقرب من 196 ألف سيارة من المكسيك إلى أمريكا الشمالية، مع توجه 90% من هذه المركبات إلى السوق الأمريكية.
جنرال موتورز وهوندا: اعتماد كبير على المكسيك وكندا
بينما جنرال موتورز، وهي واحدة من أكبر شركات السيارات في العالم، استوردت حوالي 750 ألف مركبة من كندا والمكسيك إلى الولايات المتحدة في عام 2024. وتشمل هذه المركبات طرازات شهيرة مثل شيفروليه سيلفرادو وجي إم سي سييرا. كما تُخطط جنرال موتورز لإنتاج مركباتها الكهربائية الجديدة، مثل إصدارات Equinox وBlazer الكهربائية، في مصانعها المكسيكية.
أما هوندا موتور، فقد حذرت من أن الرسوم الجمركية الأمريكية قد تجبرها على إعادة النظر في عملياتها الإنتاجية في المكسيك، حيث يتم تصدير 80% من إنتاجها هناك إلى السوق الأمريكية. وأكدت الشركة أن الإجراءات الجمركية الدائمة قد تُغير خريطة استثماراتها العالمية.
ردود الفعل العالمية: أسهم الشركات تهوي
لم تكن ردود الفعل على هذه الإجراءات الجمركية محلية فحسب، بل امتدت لتشكل صدمة للأسواق العالمية.
هبطت أسهم شركات صناعة السيارات بشكل حاد، حيث انخفضت أسهم تويوتا ونيسان بأكثر من 5%، بينما تراجعت أسهم هوندا بنسبة 7.2%.
وفي أوروبا، شهدت أسهم شركات مثل فولكس فاجن وبي إم دبليو وبورش تراجعًا ملحوظًا، مما يعكس حالة من القلق بين المستثمرين.
تداعيات اقتصادية وسياسية
لم تقتصر تداعيات هذه الإجراءات على الجانب الاقتصادي فحسب، بل امتدت إلى العلاقات السياسية بين الولايات المتحدة وحلفائها التقليديين. فقد هددت كندا والمكسيك بالرد بإجراءات انتقامية، بما في ذلك فرض رسوم جمركية على الواردات الأمريكية. كما أشار ترامب إلى أن الاتحاد الأوروبي قد يكون التالي في مواجهة هذه الرسوم، مما يُنذر بتصعيد تجاري قد يُعيق النمو الاقتصادي العالمي.
وفي الختام قد نقول أن الرسوم الجمركية الأمريكية تُشكل تهديدًا كبيرًا لصناعة السيارات العالمية، التي تعتمد بشكل كبير على سلاسل التوريد المعقدة والتصنيع عبر الحدود. فبينما تسعى الشركات الكبرى مثل فورد وجنرال موتورز وهوندا إلى التكيف مع هذه التحديات، يبقى المستقبل غامضًا في ظل تصاعد التوترات التجارية. وفي الوقت الذي يحذر فيه المحللون من تأثيرات عميقة على الصناعة، يبدو أن العالم يقف على أعتاب مرحلة جديدة من عدم اليقين الاقتصادي، حيث تُعيد الحكومات والشركات حساباتها في مواجهة رياح التغيير العاتية.