فولكس فاجن غولف R ستقعون في غرامها

بمجرد جلوسي خلف مقود الجيل الجديد (الرابع) من غولف R الذي سيبدأ بيعه كطراز يعود للعام 2015، لم أتمكن من إشاحة نظري عن أرضية الكونسول الوسطي. فأنا من محبي فولكسفاكن غولف وبالأخص نسخة GTI التي سبق لي أن إمتلكت عدة طرازات منها. وكمحب لهذه السيارة وللقيادة الرياضية، أعلم جيداً أن مكبح اليد التقليدي مهم للغاية في هذا النوع من السيارات كونه يساعد المرء في المنعطفات ليجعل القسم الخلفي من السيارة ينزلق بهدف تثبيت المقدمة. ومع أن ذلك ينطبق عادةً على سيارات الدفع الأمامي الرياضية التأدية، إلا أنه قابل للتطبيق أيضاً على غولف R التي تتوزع قوى محركها بإتجاه العجلتين الأماميتين والخلفيتين وهذا أمر سبق لي أن إختبرته مع الجيل الثالث من غولف R الذي كان يتسم بمستويات ثبات جيدة يتخللها بعض الإنزلاقات الأمامية تحت تأثير الضغط المتواصل في المنعطفات وبالأخص السريعة منها. وهنا، عدت بالذاكرة الى الشقيقة غولف GTI الحالية وتذكرت أنها تمكنت من مفاجأتي بقوة عندما قدتها للمرة الأولى بسبب ثبات مقدمتها الذي جعلني أتساءل بيني وبين نفسي عن ما إذا كانت هذه السيارة تندفع بالفعل بعجلتيها الأماميتين.

ومع ذلك، أصبت بنوع من الخيبة عندما وجدت أن غولف R الجديدة تعتمد وشأنها لـ GTI الحالية، على مكبح يد إلكتروني. أما ما زاد الطين بلة بالنسبة لي، فهو معرفتي بأنني لن أتمكن من إستعمال مكبح اليد الإلكتروني ما لم تكن قدمي تضغط بشدة على دواسة المكابح، مما يعني أن جعل القسم الخلفي من R ينزلق في المنعطفات لا يتواجد في قاموس هذه السيارة وأن الطريقة الوحيدة التي ستمكنني من السيطرة على إنزلاقات مقدمتها تمكن بـ 1) عدم دخولي في المنعطفات بسرعات عالية و2) رفع قدمي عن دواسة التسارع عند حصول الإنزلاقات الأمامية وإعادة الضغط على هذه الدواسة بشكل تدريجي و3) التأمل بأن تكون R الجديدة مماثلة لـ GTI القديمة لجهة رد فعلها عند رفع القدم بشكل مفاجئ عن دواسة التسارع في المنعطفات بهدف نقل قسم من وزنها من الخلف الى الأمام وتمكين الخلف من الإنزلاق ولو قليلاً.

وفيما كنت أفكر بهذه الإحتمالات، أفادني المسؤول عن حلبة دبي أوتودروم التي كانت تستضيف عملية إطلاق وتجربة فولكسفاكن غولف R الأولية، بأن دوري للإنطلاق قد حان. وبعيد إنطلاقي وقيامي بلفة أولية قمت خلالها بزيادة الضغط على غولف R، شعرت أن كل ما كنت أفكر به لجهة الحلول التي يتوجب إستعمالها في المنعطفات لا ينطبق على أرض الواقع لأن ما تتحلى به غولف R من مقومات تماسكية يفوق التقدير وكأنه يعتمد على تقنيات قادمة من عالم آخر لا وجود فيه لأي شئ سوى التماسك و.. متعة القيادة.
ويعود السبب الرئيسي في متعة القيادة الى محرك غولف R وهو نفس محرك الشقيقة GTI الذي تبلغ سعته 2.0 ليتر تم توزيعها على أربع أسطوانات متتالية وتعزيزها بجهاز توربو أكبر من ذلك الذي يتوفر لـ GTI، الأمر الذي مكن هذا المحرك ـ وهو بالمناسبة يقبع في مقدمة R التي تتحلى بمواصفات أوروبية ـ من توفير قوة 296 حصاناً يمكن إستخراجها بين 5500 و6200 دورة في الدقيقة (ستتدنى القوة في السيارات المزودة بمواصفات دول مجلس التعاون الخليجي الى حوالي 270 حصان). وتترافق هذه القوة مع 380 نيوتن متر من عزم الدوران الذي تتوفر حدوده القصوى إبتداءً من 1800 ولغاية 5500 دورة في الدقيقة، الأمر الذي يتطلب منك إبقاء دوران المحرك في حدود 5500 دورة في الدقيقة كي تتمكن من إستخراج القوة والعزم الأقصيين وبالأخص عند ممارسة التسارعات ومنها الإنطلاق من حالة الوقوف التام الى سرعة 100 كلم/س والتي تعلن فولكسفاكن أنها تتطلب في ظروف القيادة المثالية 5.0 ثواني فقط يمكن بعدها متابعة الضغط لإيصال غولف R الى سرعتها القصوى المحددة بواسطة رقاقة إلكترونية بـ 250 كلم/س. ويعود السبب في هذه التأدية الرياضية الى عدد من التعديلات التي قام بها مهندسو فولكسفاكن والتي طاولت القسم الوسطي من المحرك والذي يحتوي على الأسطوانات، مشاعب العدم، صمامات جهاز البخاخ، نوابض الصمامات والمكابس، بالإضافة الى بعض التعديلات التقنية التي طاولت علبة التروس الأوتوماتيكية السداسية النسب التي تعمل عبر قابض فاصل مزدوج على نقل النسب بسرعات عالية وبسلاسة بالغة من خلال مقبض علبة التروس في الكونسول الوسطي أو عبر العتلات المثبتة خلف المقود والتي تمنيت لو كان حجمها أكبر بقليل.

وبالإضافة الى القوة الإضافية التي يتسم بها محرك R مقارنة بذلك الذي يتوفر لـ GTI، جرى تزويد R بالجيل الخامس من أنظمة 4Motion للدفع الرباعي المستمر التي تعتمد على محول للعزم طراز هالديكس يعمل بتناغم كلي مع ترس تفاضلي أمامي من فئة XDS بلس يقوم إلكترونياً وبمجرد تحسسه لفقدان التماسك في المنعطفات بكبح الإطار الداخلي، الأمر الذي يظهر على الحلبة على شكل سيارة قادرة على دخول المنعطفات بسرعات عالية وبثبات متقدم بعيد كل البعد عن الإنزلاقات الأمامية. وهنا، تتوجب الإشارة الى أن نظام الدفع الرباعي في غولف R قادر على نقل كامل القوة والعزم الى المحور الأمامي أو الخلفي. ومع العلم أن أجهزة الدفع الرباعي تكون حادةً في عملها وفي طريقة تحويلها للقوة بين المحورين الأمامي والخلفي، إلا أن نظام 4Motion في غولف R يفاضل في نقل القوة العزم بين الأمام والخلف بطريقة ناعمة وسلسة، الأمر الذي يجعلك تشعر أنه في حال بدأت السيارة بالإنزلاق، فستكون عملية السيطرة عليها سهلة للغاية، خصوصاً أن عملية كبح الإطارين الداخليين التي تتم أوتوماتيكياً في المنعطفات تساعدك في التحكم بالإنزلاق وإعادة السيارة الى خط سيرها الصحيح
وفي هذا السياق، يمكن أيضاً طلب غولف R مع نظام DCC للسيطرة الديناميكية على الشاسي والذي يمكن القول أنه مماثل لأنظمة التحكم بأساليب القيادة في السيارات الأخرى، إلا أنه يعمل في حالة غولف R من خلال أربعة برامج تبدأ ببرنامج Comfort الذي يركز على توفير مستويات راحة عالية وتمر ببرنامج Normal للقيادة العادية اليومية وببرنامج Race السباقي الذي يعدل معايير العمل لتناسب القيادة السريعة على الحلبات أو الطرقات الملتوية والذي يتم معه تضخيم هدير العادم (إصطناعياً) وتنتهي ببرنامج Individual الشخصي الذي يمكن معه للسائق أن يتحكم بمعايير عمل عدد من أجهزة السيارة (كل على حدة) شأن قساوة التعليق ونسبة مساعدة المقود ومستوى تجاوب دواسة التسارع.

وعلى الرغم من أن قيادتي لـ غولف R كانت بمجملها على حلبة دبي أوتودروم ولم تشمل أي من الطرقات السياحية العادية، إلا أنها كانت كافية لتؤكد لي أن هذه السيارة لم تدخل في حالة من النضوج التام وحسب، بل باتت واحدة من السيارات التي ستود أن تتواجد في مرآب منزلك. فعند قيادتها بطريقة عادية، ستشعر أنها توفر لك مستويات راحة جيدة وتنقلك بهدوء معتدل لا يعكر صفوه شئ سوى هدير العادم الرياضي الذي لا يتوقف عن تذكيرك بأنك خلف مقود سيارة قادرة على نقلك من مكان الى آخر بسرعة عالية. أما عندما تقودها بطريقة رياضية، فستشعر بلذة قيادة عالية. وهنا يكفي أن تعتمد معيار Race لتزداد قساوة التعليق وتنخفض مستويات مساعدة المقود الذي يتحلى بنسبة عمل قصيرة يرافقها إرتفاع في تجاوب دواسة الوقود ولتتحول غولف R حينها الى سيارة ثانية تتميز بروح رياضية عالية إذ يكفي أن تضغطها لتكتشف أنها تتجاوب مع متطلباتك. وعند ذلك، ستبرز مواهبها التماسكية التي ستؤدي بك الى زيادة الضغط أكثر وأكثر ولتصل الى درجة تبدأ معها بالتساؤل عن حدودها القصوى، خصوصاً أنك كلما قمت بضغطها أكثر، ستشعر أنها تتجاوب أكثر وسيزداد إحساسك بالمتعة من خلف مقودها، كما ستزداد ثقتك بها وبردات فعلها وهذا أمر لا يتوفر إلا في عدد قليل جداً من سيارات هذه الفئة.
وفي سياق الكلام عن المتعة التي يمكن لهذه السيارة أن توفرها، نشير الى أنها أول سيارة من فولكسفاكن يمكن معها إيقاف عمل جهاز ESP للتحكم بالتماسك كلياً. كما يمكن أيضاً إعتماد برنامج عمله الرياضي الذي يمكنك في حال كنت سائقاً رياضياً متطلباً من ممارسة كل ما تريده من خلف مقودها وبحيث يتركك لتتمتع بما تقوم به من ضغط مفاجئ على دواسة المكابح لنقل الوزن الى الأمام وجعل القسم الخلفي ينزلق وغيرها من الأفعال التي يقوم بها السائقون المحترفون ولا يتدخل إلا عندما تكتشف مستشعراته وأجهزة مراقبته أن ما تقوم به يزيد عن حدود المنطق ويدخل في مرحلة الخطر.

وبالعودة الي القيادة العادية، يمكن القول أن ما قام به مهندسو فولكسفاكن من تعديلات طاولت محرك غولف R يستحق التهنئة. فهذا المحرك يبدأ بتوفير عزم دورانه إبتداءً من 1800 دورة في الدقيقة ويستمر بتوفير العزم بشكل ثابت لغاية وصوله الى حوالي 6000 دورة في الدقيقة وهذا ما يوفر للمحرك ليونة عالية تظهر عند القيادة على سرعات معتدلة ومحاولة التسارع بالإعتماد على نسبة عالية من علبة التروس. والى جانب هذه الليونة، قد يضطر سائق غولف R الى قيادتها من دون إغلاق النوافذ (إلا عند إعتماد برنامج Race الذي يتم معه توجيه الهدير نحو المقصورة) لأن هدير عوادم هذه السيارة رائع عند إرتفاع دوران المحرك وأكثر روعة عندما يتم تبديل النسب صعوداً أو نزولاً. وهنا لا بد من الأشارة الى أن غولف R ترسل كل قوتها وعزمها الى عجلتي المحور الأمامي في ظروف القيادة العادية وليبدأ نظام 4Motion بتحويل هذه القوة بإتجاه المحور الخلفي بمجرد أن تبدأ الإطارات الأمامية بفقدان تماسكها وبطريقة لا يشعر بها السائق أو ركابه اللذين سيتمتعون عند جلوسهم في مقصورة غولف R التي يتدني خلوصها بمعدل 5 ملم عنه لخلوص الشقيقة GTI، بمقصورة يطغى عليها الإحساس بالجودة التصنيعية المعززة بمقاعد أمامية تلتف حول جسمي راكبي المقدمة وتحتضنهما جيداً أثناء القيادة الرياضية وبكميات من البلاستيك الأسود اللماع الذي يطاول الكونسول الوسطي الذي تبرز فيه شاشة جهاز الملاحة العالية الجودة (وهي بقياس 5.8 إنش) والتي تعرض معلومات تتعلق بالإضافة الى جهاز الملاحة، بعمل مكيف الهواء، النظام الموسيقي، معايير عمل السيارة وغيرها. أما في الخلف، فيمكن لمقصورة غولف R أن تستقبل راكبين من أصحاب القامات الطويلة براحة عالية مصدرها مساحات داخلية كريمة مقارنة بحجم السيارة الخارجي الذي يخفي في الخلف مقصورة تحميل إضطرت فولكسفاكن الى زيادة إرتفاع أرضيتها بسبب نظام الدفع الرباعي) الأمر الذي خفض حجم تحميلها من 380 ليتراً لـ GTIالى 343 ليتراً لـ R.

وفي النهاية وعلى الرغم من أن تجربتي لـ غولف R لم تستمر لوقت طويل إلا أنها كانت كافية لإقناعي بأن من يحب غولف GTI ولكنه يريد أكثر، فـ غولف R هي الحل المثالي لأنها توفر قوة أعلى وتأدية أفضل وتماسكاً أكثر وتضيف الى ذلك تكاليف تشغيلية مقبولة مع إمكانية إستعمالها كسيارة يومية مريحة وبسعر أعلنت فولكسفاكن الشرق الأوسط أنه سيراوح في حدود 41 ألف دولار عند وصولها الي صالات العرض خلال أوائل الصيف القادم.