هل من الآمن القيادة في رمضان؟ أثر الصيام على حوادث المرور

تعد حوادث المرور السبب الرئيسي للوفاة بين الفئة العمرية من 5 إلى 29 عامًا على مستوى العالم، وذلك وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.

شهد النصف قرن الماضي كمًا هائلاً من الأبحاث حول مخاطر القيادة تحت تأثير المواد الضارة، مما أدى إلى تغييرات جذرية في السياسات.

لكن أحد العوامل التي لم تحظ بالقدر الكافي من الدراسة في مجال القيادة تحت التأثير هو الجوع، الذي يمكن أن يضعف الأداء المعرفي والبدني، بحسب دراسة نشرتها مجلة sciencedirect العلمية.

هل من الآمن القيادة في رمضان؟

هناك أسباب عديدة تدفع الناس للقيادة وهم جائعون، بما في ذلك انعدام الأمن الغذائي، والممارسات الدينية، وخيارات نمط الحياة.

هذه الأسباب منتشرة على نطاق واسع. بحسب الأمم المتحدة، تعرض أكثر من 700 مليون شخص لمستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي في عام 2018 منظمة الأغذية والزراعة وآخرين.

كما أن قدرًا كبيرًا من القيادة أثناء الجوع يحدث عن قصد من خلال الصيام في مختلف الديانات. وكان الصيام المتقطع هو النظام الغذائي الأكثر شعبية في عام 2018، وذلك وفقًا لمسح أجراه المجلس الدولي لمعلومات الأغذية.

ورغم انتشار ظاهرة القيادة أثناء الجوع، لم تحدد أي ورقة بحثية، على حد علمي، علاقة سببية بين القدرة على القيادة والجوع.

تتمثل المساهمة الرئيسية لهذه الورقة البحثية في تقديم أول دليل سببي على أن الجوع لفترة طويلة يزيد من احتمالية وقوع حادث للسائق، بشرط أن يكون الشخص يقود بالفعل.

هل يؤثر الجوع على القيادة؟

تتناول هذه الدراسة تأثير الصيام على حوادث المرور، مع التركيز على شهر رمضان في تركيا كنموذج.

تهدف الدراسة إلى تحديد العلاقة السببية بين الصيام وزيادة احتمالية وقوع الحوادث، مع الأخذ في الاعتبار عوامل أخرى مثل الجوع والجفاف والتغيرات السلوكية.

منهجية الدراسة

تعتمد الدراسة على منهجية المتغير الآلي (IV)، حيث يستخدم شهر رمضان كأداة لتحليل تأثير الصيام على حوادث المرور.

نظرًا لأن تركيا تستخدم التقويم الميلادي في جميع شؤونها باستثناء المناسبات الدينية، فإن تواريخ شهر رمضان تتغير سنويًا بمقدار 11 يومًا في التقويم الميلادي، مما يسمح بتحديد التأثير المخفض لشهر رمضان.

أثر الصيام على حوادث السيارات

خلصت الدراسة إلى النتائج التالية، فيما يتعلق بتأثير الصيام على قيادة السيارات وقوع حوادث:

زيادة حوادث المرور خلال ساعة الذروة في يوم القدر

تظهر الدراسة أن حوادث المرور خلال ساعة الذروة تزداد في المتوسط بنسبة 21% خلال يوم القدر، وهو يوم ذو أهمية دينية كبيرة في تركيا.

تأثير الصيام على احتمالية وقوع الحوادث

باستخدام بيانات استبيان لتقدير نسبة السائقين الصائمين، توصلت الدراسة إلى أن الصيام يزيد من احتمالية وقوع الحوادث بنسبة 25% بشرط القيادة.

الجوع هو العامل الرئيسي

تقدم الدراسة تحليلات إضافية تدعم فكرة أن الجوع الناجم عن الصيام هو السبب الرئيسي وراء زيادة الحوادث.

على سبيل المثال، تظهر الدراسة أن الزيادة في الحوادث خلال يوم القدر تحدث فقط خلال أيام العمل، وليس خلال العطلات، مما يستبعد تأثير العوامل الأخرى مثل زيادة حضور المساجد والتجمعات الاجتماعية.

تأثير درجة الحرارة

لا يوجد تأثير لدرجة الحرارة على زيادة الحوادث خلال شهر رمضان، مما يشير إلى أن الجفاف ليس عاملاً رئيسيًا في زيادة الحوادث.

يتفق ذلك مع الأدبيات الطبية التي تظهر أن مستويات الجفاف خلال صيام رمضان لا ترتبط بتغيرات كبيرة في الوظائف الجسدية والمعرفية.

الدين وتأثير الصيام

تظهر الدراسة أن هناك زيادة أكبر في الحوادث خلال شهر رمضان في المحافظات التي من المرجح أن يصوم فيها عدد أكبر من الناس.

طول فترة الصيام

تظهر الدراسة أن فترة الصيام الأطول تزيد من الحوادث، حيث إن الانتقال في الخريف (الذي يزيد من فترة الصيام بسبب التوقيت الصيفي)، يزيد من عدد الحوادث عندما يتزامن مع شهر رمضان.

مقارنة مع محددات أخرى للحوادث

تقارن الدراسة تأثير الصيام على احتمالية وقوع الحوادث مع محددات أخرى مثل تركيز الكحول في الدم والحرمان من النوم. تشير النتائج إلى أن تأثير الصيام أقل من تأثير الكحول، ولكنه أكبر من تأثير الحرمان من النوم.